عفو فوق إنساني
العفو الذي أصدره جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لهذه السنة، عفو يتجاوز الاعتبارات الإنسانية التي تشكل عادة محور فلسفة العفو عن السجناء، إلى اعتبارات حقوقية تستحضر قيم “الانصاف والمصالحة” التي ميزت بدايات العهد الجديد، وشكلت إحدى أبرز الدلالات على التقدم الذي أحرزه المغرب تحت القيادة الجديدة للملك محمد السادس، في ملف حقوق الإنسان.
وفي هذا البعد “فوق إنساني” المستحضر لقيم “الانصاف والمصالحة” يسجل للعفو الملكي شموله لخمسة أصناف من المعتقلين شكل اعتقالهم موضع اهتمام ناقد من منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش.
وتهم تلك الأصناف صحفيين (توفيق بوعشرين، عمر راضي، سليمان الريسوني، عماد استيتو، وهشام منصوري وعبد الصمد آيت عيشة)، ومعارض سياسي وناشط حقوقي (المعطي منجب)، وناشطون ضد التطبيع (عبد الرحمان ونكاض، سعيد بوكيوض، ومصطفى دكار)، ومدونون منتقدون نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي (رضا الطاوجني، ويوسف الحيرش، وسعيدة العلمي، ومحمد قنزوز)، و16 معتقلا “من المحكومين في قضايا التطرف والإرهاب” والذين راجعوا “مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية ونبذوا التطرف والإرهاب”.
ورغم أن المحاكمات تمت على أساس تهم تخص القانون العام، إلا أن تلك الأصناف الأربعة الأولى تصنفها تقارير المنظمات الحقوقية ضمن ضحايا المواقف السياسية والفكرية.
لذلك فنحن أمام عفو ملكي ببعد حقوقي ينهي الجدل الذي واكب ملفات محاكمة هؤلاء الأشخاص، ويشكك في عدالة الأحكام التي طالتهم.
إننا أمام نسخة جديدة من الانصاف والمصالحة الذي أخرجت نسخته الأولى المغرب من دائرة “الانتهاك الممنهج لحقوق الانسان” إلى دائرة دولة الحق والقانون.
ومن شأن المبادرة الملكية الجديدة أن تسهم بشكل فعال في معالجة ما لحق بصورة المغرب الحقوقية من جروح وخدوش. وأن تبطل مؤامرات خصوم المغرب، الذين يستغلون قضايا اعتقال الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان والمناهضين للتطبيع، ضد مصالح الوطن.
حسن بويخف
عذراً التعليقات مغلقة