نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمراسلها أنطون ترونيافوسكي قال فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ حملة لمعاقبة حلفاء يفغيني بريغوجين الذي قاد عصيانا فاشلا يوم السبت.
ففي محاولته لاستعادة السيطرة على البلاد، يريد بوتين البحث عن حلفاء زعيم المرتزقة ممن ساعدوه في عصيانه أو تعاطفوا معه، لكن علاقات بريغوجين المتشعبة مع النخبة تعقد من مهمته.
والسؤال يكمن في: من يستهدف ومن يعاقب على العصيان الذي زاد من الرهانات على القيادة الروسية، في ظل وجود متعاطفين داخل الحكومة والجيش.
وأضاف الكاتب أن هناك تكهنات قوية بشأن مصير الجنرال سيرغي سوروفيكين، القيادي العسكري الذي أثنى عليه بريغوجين علنا، ويقال إنه كان على معرفة بالخطة مقدما، ولم يُر منذ السبت.
ونشرت عدة مدونات مؤيدة للحرب الروسية في أوكرانيا تقارير أن السلطات فتحت تحقيقات في عناصر عسكرية لها علاقة مع بريغوجين، إلا أن هذه التقارير لم يتم تأكيدها. وغذى الرئيس الروسي التكهنات بشأن قمع وملاحقة واسعة، في حديث مساء الثلاثاء بلقاء مغلق مع رموز إعلامية روسية عقده الكرملين. وقدم فيه نفسه بأنه يتحكم بالأمور وقال إنه يحاول البحث في تعاملات بريغوجين التجارية مع وزارة الدفاع. وصور بوتين نفسه على أنه كان على معرفة ومشاركة طوال الـ24 ساعة من عصيان بريغوجين، وذلك حسب قنسطنطين ريمشوكوف، محرر صحيفة حضر اللقاء وكان قد تحدث عبر الهاتف من موسكو.
وفي مرحلة ما بعد التمرد، عندما سيطر مقاتلو فاغنر على منشآت عسكرية وتحركوا نحو موسكو، كان بوتين مركزا على الدوافع الاقتصادية وراء تحرك بريغوجين، إذ قال إن السلطات ستحاول ملاحقة من وقع أو ضغط من أجل مطالب أو حاول الحصول على ملابس عسكرية أو أسلحة. وقال ريمشوكوف إن بوتين على “معرفة عميقة بعقود بريغوجين المالية”.
وألمح بوتين نفسه إلى العلاقات العميقة بين بريغوجين والحكومة في تعليقاته العلنية يوم الثلاثاء حيث قال إن بريغوجين الذي يقوم بتوفير وجبات الطعام للجيش حقق من عقوده هذه مليار دولار في العام الماضي وإن الحكومة أنفقت مليار دولار لتمويل المرتزقة. وتقوم الحكومة بالتدقيق في عمليات شركة فاغنر.
وفي يوم الثلاثاء، نشر مرتزقة فاغنر في سوريا صورة لنائب وزير الخارجية وهو يلتقي رئيس النظام السوري بشار الأسد، وقالوا إن اللقاء جاء ضمن الاستشارات الدورية بين البلدين الصديقين. وأظهر بوتين يوم الأربعاء أنه يريد العودة إلى الأمور الطبيعية. وسافر إلى منطقة داغستان في جنوب روسيا لمناقشة السياحة وأثنى على توسع الماركات المحلية. ونشرت صحافة الدولة لقطات فيديو لبوتين وهو يمشي في ساحة المدينة ويلتقي بالحشود، وهي صورة قصد منها إظهار أن الرئيس لا يزال يحظى بدعم شعبي.
وفي موسكو لا يزال أفراد النخبة الذين لا يعرفون طبيعة رد بوتين يحاولون إظهار الولاء له والتنصل من بريغوجين. وقال أوليغ ماتفيتشيف، النائب في البرلمان والمستشار المؤيد للكرملين معلقا على من سيتم عقابه: “إنه سؤال معقد للغاية”. وقال في مكالمة هاتفية أن من سيجري استهدافهم لن يكونوا من الذين ظهروا في صور مع بريغوجين ولكن “الذين تستروا بنشاط عليه ويواصلون عمل هذا ويعملون ضد سياسة الرئيس”. واعترف ماتفيتشف أنه عمل مع بريغوجين قبل عقد من الزمان، ولكنه أوقف الشراكة بعدما توصل إلى نتيجة وهي أن بريغوجين “شخص مختل عقليا”.
وتقول الصحيفة إن بريغوجين بنى شبكة من العلاقات عندما أدار مطاعم راية ووفر الطعام للمآدب في سانت بطرسبرغ في التسعينيات من القرن الماضي، وعمل أيضا مع الجنرال سوروفيكين حيث كانت قوات فاغنر تقاتل. ويقول الصحافي ريمشوكوف “أعتقد أنهم سيسألونه عن سبب سكوته” ولماذا لم يشجب تمرد بريغوجين و”هل كانت هناك مصالح أو صلات؟” مشيرا إلى الجنرال.
ووصف ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” عن معرفة سوروفيكين بالتمرد بأنه “تكهنات” لكنه لم يجادل في التقرير أو عبر عن دعم للجنرال الذي لم يسمع عنه أو يتحدث منذ السبت. بعد سنوات قضاها في الظل حول بريغوجين نفسه لشخصية عامة، قدم نفسه بالشخص القوي المؤهل أكثر من القيادة التقليدية. وحرف نظره إلى وزير الدفاع سيرغي شويغو الذي قلل من قيادته وكفاءته.
وفي العام الماضي حاول أشخاص إثبات وطنيتهم عبر الانضمام إلى عربة بريغوجين ومنهم ابن بيسكوف المتحدث بالكرملين الذي قال إنه انضم إلى وحدة مدفعيات وحصل على ميدالية. وظهر زعيم الحزب الموالي لبوتين سيرغي ميرنوف في صورة وحوله شعارات فاغنر، وكتب على تويتر بداية هذا العام شكرا لبريغوجين على هدية أرسلها إليه من شعارات الشركة، لكن ميرنوف أعاد تقديم نفسه بأنه حاجز قوي ضد تمرد بريغوجين. ودعا إلى التحقيق فيما زعم أنه “خط من كبار المسؤولين وموظفي الخدمة المدنية” الذين تدفقوا للهروب من البلاد عبر مطار فنوكوف الخاص في أثناء تمرد فاغنر “هذا طابور خامس” “خونة في الوطن الأم”، كتب واصفا إياهم.
كما أن هناك سؤالا حول من دافع عن بوتين في أثناء التمرد ومن التزم الصمت.
كما أن هناك سؤالا حول من دافع عن بوتين في أثناء التمرد ومن التزم الصمت. ونشر المحلل في موسكو ميخائيل فينغرادوف ما سماه “معدل الولاء ما كتبه ونشره حكام المناطق في روسيا دعما لبوتين وذكر 21 حاكما التزموا بالصمت. وقال فينغرادوف إنه من غير المنطقي بناء نتائج عبر قائمته، مع أن عضو البرلمان ماتفيتشف أكد أن القائمة تقدم صورة مدهشة “لقد نظرت إليها وتوصلت إلى نتائج، فالشخص غير الموثوق قد يتصرف بطريقة مختلفة في المرة التالية”.
وقال محرر الصحيفة ريمشكوف إن بوتين منشغل الآن بإرسال رسائل إلى النخبة وهي “أنني قادر على حمايتكم”، لكن هناك من يرى استمرار التحديات لبوتين مع الحرب التي لم تنته في روسيا.
عذراً التعليقات مغلقة