في سابقة تاريخية.. محاكمة إسرائيل في “العدل الدولية” بـتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية

sabk11 يناير 2024آخر تحديث :
في سابقة تاريخية.. محاكمة إسرائيل في “العدل الدولية” بـتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية

لندن ـ لاهاي ـ “القدس العربي”:

في سابقة تاريخية بدأت محكمة العدل الدولية (أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة)، اليوم الخميس، المداولات في طلب تقدمت به جمهورية جنوب إفريقيا لإقامة دعوى ضد إسرائيل بتهمة بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت أكثر من 23 ألف شهيد، وأكثر من 59 ألفا جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

واتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل أمام المحكمة، بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها،  وبأنها تقوم بارتكاب “أعمال إبادة” في قطاع غزة، واعتبرت أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه في قطاع غزة.

وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي تقدمت جنوب إفريقيا بدعوى من 84 صفحة بالإنكليزية، إلى محكمة العدل الدولية التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقرًا، تحث فيها قضاة المحكمة ( عددهم 15 وقرارهم بالأغلبية) على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـ”تعليق فوري لعملياتها العسكرية” في قطاع غزة.

وأكد الفريق القانوني لجنوب إفريقيا بقيادة وزير العدل رونالد لامولا، أن “نية إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية متوفرة وهدف جنودها إبادة غزة، وأن الفلسطينيين يتعرضون لقصف لا يتوقف أينما يذهبون ويقتلون في كل مكان يلجؤون إليه، وأن أكثر من 80% من سكان غزة يعانون من الجوع”.
وأشار إلى أن جنود إسرائيل يلتقطون صورا لأنفسهم وهم يحتفلون بتدمير المدن والقرى. وأن مئات من العائلات في غزة مسحت بالكامل ولم يبق منها أي فرد على قيد الحياة. وأن أعمال القتل الإسرائيلية كبيرة جدا وجثث الفلسطينيين تدفن في مقابر جماعية. وبأن إسرائيل تحدد مناطق آمنة للفلسطينيين في قطاع غزة قبل أن تقوم بقصفها”.

ولفت إلى أن إسرائيل ترتكب عنفا جنسيا بحق النساء والأطفال. وأن المصابين في قطاع غزة محرومون من الرعاية الصحية اللازمة لإنقاذ حياتهم. وأن الأمراض والجوع تفتك بقطاع غزة. وإسرائيل تتعمد اختلاق ظروف تحرم الفلسطينيين من المأوى والمياه النظيفة. وأن إسرائيل فرضت عن عمد ظروفا في غزة لعدم السماح بالعيش والتدمير الجسدي للفلسطينيين، حيث إن شاحنات المساعدات التي تدخل قطاع غزة تخضع إلى 3 مراحل من التفتيش”.

وأكد الفريق أن إسرائيل يتّمت أعدادا كبيرة من الأطفال في قطاع غزة، وأنها تقصف وتقنص النساء والأطفال في قطاع غزة. وأن إسرائيل تستخدم الخطاب الديني لتبرير قتل الأطفال والمدنيين في غزة.

وأشار الفريق إلى أن هناك مؤججين ومحرضين في إسرائيل على ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، منهم وزراء كوزير الدفاع الذي استعمل تعبير “حيوانات” وحتى رئيس الحكومة. وأن إسرائيل ارتكبت أعمالا وحشية كثيرة في قطاع غزة، وهي مستمرة في استهداف البنى التحتية الحيوية بغزة.

وشدد على أن إسرائيل تحاصر غزة وتمنع الدخول برا وبحرا وهي سلطة احتلال، وقد حولت قطاع غزة إلى سجن مغلق ترتكب فيه جريمة إبادة جماعية. وأن إسرائيل لا تميز بين المحاربين والمدنيين، وما تقوم به يرقى إلى مستوى إبادة جماعية.

وشدد الفريق على أن أفعال إسرائيل في غزة تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، وأن ما أثبتته الوقائع في قطاع غزة يقتضي تدخل محكمة العدل الدولية.

ويجب على القضاة البت أولا في طلب عاجل من جنوب أفريقيا للوقف الفوري للعملية العسكرية. وقد يستغرق اتخاذ القرار عدة أسابيع، وبعد ذلك فقط سيناقش القضاة اتهامات الإبادة الجماعية.

ورافعت جنوب أفريقيا، التي رفعت القضية لأنها رأت أصداء الفصل العنصري من تاريخها في تصرفات إسرائيل، أولا اليوم الخميس. وسترد إسرائيل غدا الجمعة لكن الحكم قد يستغرق سنوات.

إنكار إسرائيلي

وأنكرت الدولة العبرية ارتكاب “أعمال إبادة”، ووصفت الاتهامات بأنها “تشهير دام”.

واعتبر الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ  أنه “ليس هناك ما هو أكثر فظاعة وسخافة من إعلان” بريتوريا.

وأضاف “سنمثل أمام محكمة العدل الدولية وسنقدّم بكل فخر قضيتنا في الدفاع عن النفس بموجب القانون الإنساني الدولي”.

وزعم أن جيش الاحتلال “يفعل كلّ ما في وسعه في ظروف معقدة جدًا في الميدان لضمان عدم حدوث أي عواقب غير مقصودة أو خسائر في صفوف المدنيين”.

الخارجية الفلسطينية و”حماس”

وفي رام الله  أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية  أن “ما شجع ويشجع إسرائيل وأدواتها المختلفة من مسؤولين حكوميين وعسكرين ومستعمرين على ارتكاب الجرائم وصولا إلى ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، سببه التخاذل الدولي، وعدم اتخاذ خطوات عملية لمحاسبتها، وإنفاذ قرارات الإجماع الدولي، وتماهي بعض الدول والجهات الدولية في التواطؤ في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية من خلال الفيتو، وإمداد إسرائيل بشتى أنواع السلاح والدعم السياسي الفتاك، بدلا من تحمل مسؤولياتها في منع ومعاقبة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية”.

وجددت وزارة الخارجية التأكيد على “استمرار التنسيق والدعم الكامل، بالإضافة إلى شكرها لجنوب أفريقيا قيادة وشعبا على الخطوة الشجاعة والعمل، من أجل تعبئة المجتمع الدولي لتوضيح ارتكاب إسرائيل لجريمة الإبادة الجماعية وأبعادها القانونية”.

كما عبرت عن ثقتها بالمرافعة القانونية التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، مستذكرة الإرث المبدئي لنضال جنوب أفريقيا ضد الاستعمار و”الأبارتهايد”، بما يؤهلها لأن تكون الدولة التي تدافع عن رفعة القانون الدولي ومؤسساته، وفي وجه الظلم والعدوان، ولمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.

وطالبت “الدول الشقيقة والصديقة، والمتسقة مع مبادئها ومبادئ القانون الدولي، بدعم جنوب أفريقيا وخطوتها أمام محكمة العدل الدولية، وأن تقدم مرافعاتها إلى المحكمة بعد الانتهاء من التدابير الاحترازية، والمؤقتة، انتصارا للعدالة، ومنعا لإبادة الشعب الفلسطيني”.

من جهتها أعربت حركة “حماس”، عن تطلعها لأن تصدر محكمة العدل الدولية المنعقدة في لاهاي قراراً “ينصف الضحايا بوقف العدوان فوراً على

غزة ومحاسبة مجرمي الحرب (الإسرائيليين)”.

نفي أمريكي و”عدم استيعاب” ألماني

وفي تكرار لتصريحات الوزير أنتوني بلينكن، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن ما سمتها الادعاءات بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية لا أساس لها من الصحة”.
وفي سديروت بالكيان الإسرائيلي صرح روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني أولاف شولتس، بأنه لا يمكنه استيعاب الاتهام بالإبادة الجماعية الذي توجهه جنوب أفريقيا ضد إسرائيل على خلفية الحرب بقطاع غزة.

وقال هابيك، والذي يشغل أيضا منصب وزير الاقتصاد، اليوم  خلال زيارته له لها، إنه يكن كل التعاطف مع الأشخاص الذين يعانون في قطاع غزة ويفقدون أسرهم وأطفالهم “من خلال هذه المواجهة الشنيعة”.

وقال هابيك بالنظر إلى الأعمال التي تقوم بها القوات المسلحة إن إسرائيل تعلم أنه لا يمكن الاستمرار على هذا النحو، واستدرك قائلا: “ولكن الإبادة الجماعية شيء مختلف بعض الشيء، فهي الرغبة المتعمدة في القضاء على مجموعات عرقية أو مجموعات دينية، والإبادة المتعمدة.”

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة