الجزائر- “القدس العربي”:
يسود تفاؤل في أوساط المحامين الجزائريين والعرب والأجانب، المشاركين في ندوة الجزائر الدولية “العدالة للشعب الفلسطيني”، بإمكانية أن تسهم الجهود التي يبذلونها في جعل إسرائيل تدفع الثمن هذه المرة أمام المحاكم الدولية بالنظر لفداحة الجرائم التي ارتكبتها في عدوانها الجاري على غزة.
وينتظر وصول المحامي الفرنسي الشهير جيل ديفرس الذي رفع عدة شكاوى ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية للجزائر للمشاركة في الندوة التي ستعقد يومي 29 و30 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وفق هدف معلن هو تنظيم صفوف المحامين من أجل بناء اتحاد عالمي يساند فلسطين وشعبها بشكل قانوني منظم ضد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وفي تقريره الذي أعلن فيه أن محكمة الجنايات الدولية قد فتحت بالفعل تحقيقا في الجرائم الإسرائيلية، اعتبر ديفرس رفقة المحامين العاملين معه، أن الجزائر قد اتخذت مبادرة مهمة لعقد اجتماع يجمع المحامين على نطاق واسع سيتناول كيفية الحصول على المعلومات وكيفية العمل وكيفية التجمع.
ووفق نفس التقرير الذي نشرته “القدس العربي”، فإن محققي محكمة لاهاي يطلبون التركيز على 4 محاور هي الأكثر توريطا لإسرائيل في القانون الجنائي الدولي وهي “الهجمات على نظام الرعاية الصحية؛ نطاق القصف وحجم الدمار الشامل بهدف كسر المجتمع الفلسطيني؛ تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ معلومات عن إبادة عائلات بأكملها بسبب الهجوم على مساكن المدنيين”.
وفي هذا السياق، حرص منظمو ندوة الجزائر أن تسبقها ورشات عملية تساعد في جمع المعلومات وتنسيق الجهود، تتعلق الأولى بتوثيق الجرائم والتي يلعب فيها الإعلام دورا مهما باعتباره عايش العدوان على أرض الواقع، وورشة تتعلق بإخطارات المحكمة الجنائية الدولية، وورشة ثالثة تتعلق بالمتابعة الجنائية أمام محاكم الدول التي اعتمدت مبدأ عالمية العقاب والمحاكم الدولية الجهوية، أما الورشة الرابعة والأخيرة فتتعلق بالشكاوى والمنظمات والهيئات الدولية.
ووفق التصريحات الأولية للمشاركين في الندوة، فإن ثمة حالة من التفاؤل في أن تشكل الندوة التي ستحتضنها الجزائر خطوة أولى لبحث الآليات القانونية ووضع خارطة طريق لتشكيل فرق عمل قانونية بين الدول المشاركة لملاحقة الكيان الصهيوني على جرائمه في غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح مستشار وزير العدل الفلسطيني، ناصر الريس، في هذا الصدد أن ندوة الجزائر هامة على صعيد توحيد المبادرات والتنسيق بينها بهدف متابعة إسرائيل على جرائمها التي ارتكبتها في فلسطين منذ بداية عدوانه على غزة والضفة الغربية في 7 أكتوبر الماضي.
وأبرز المستشار أن هناك الكثير من المبادرات بأمريكا اللاتينية وأوروبا وبعض الدول الإسلامية، تسعى كلها لمتابعة الكيان الصهيوني، مشيرا إلى أنه “بدأ العمل بتفعيل دور رجال القانون في فلسطين وذلك بالانتقال إلى مرحلة تحقيق المساءلة والملاحقة الجنائية الدولية لقادة الكيان الصهيوني السياسيين والعسكريين”.
من جانبه، اعتبر المحامي اللبناني، بسام جمال، أمين عام مساعد اتحاد المحامين العرب، أن هذه الندوة تعد بداية “معركة كسر شوكة المحتل على الصعيد السياسي والعسكري والقانوني”، مضيفا أن هدف المحامين العرب وبالخصوص المشاركين في الندوة هو “تعرية” الكيان الصهيوني الغاشم أمام المحاكم الدولية على جرائم العدوان التي اقترفها في غزة.
وأكد القاضي بمحكمة التمييز الأردنية، محمد الطراونة أن الندوة ستكون فرصة “نتباحث فيها عن الآليات لملاحقة مرتكبي الانتهاكات في غزة”، مبرزا أن الجزائر قامت من خلال استضافة هذه الندوة بأول مبادرة على صعيد العالم العربي لجمع الخبراء والمختصين في القانون.
وأضاف أن هذا اللقاء سيكون أيضا “فرصة لتوحيد الجهود، على المستويين الإقليمي والعربي من أجل الدفاع عن غزة نظرا للانتهاكات الإنسانية التي تحصل هناك أمام صمت العالم وتجاهله”.
وركز نقيب المحامين الأردنيين، يحيى أبو عبود، في تصريحاته على زاوية التوقيت، مبرزا أن الوقت قد حان لمواجهة الكيان الصهيوني بالسلاح القانوني، “وذلك من خلال ملاحقته أمام القضاء الدولي والإقليمي لمساءلته عن الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني، حيث انتهك كل المواثيق والمعاهدات بأفعاله التي تشكل جريمة كاملة الأركان”.
وأكد في هذا الجانب أن ندوة الجزائر ستكون مرحلة مهمة في هذا السياق من خلال “تنسيق الجهود وتوحيدها وتعيين فريق واحد مشكل من قانونيين وقضاة للقيام بهذه الخطوة أمام المحكمة الجنائية الدولية”، مشددا على أن المتابعة القانونية هي “سلاح لا يقل أهمية عن سلاح المقاومة”.
وأشار رئيس نقابة المحامين الفلسطينيين، أمجد عثمان إسماعيل شلة، إلى أن “المحكمة الجنائية الدولية ستكون أمام امتحان حقيقي لمحاكمة ومحاسبة الكيان الصهيوني ومعاقبته على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها في غزة منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي”.
ومن الجانب الجزائري، يجري الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين في الجزائر والنقابة الوطنية للقضاة، استعدادات حثيثة لإنجاح هذه الندوة، خاصة أن هذه التحركات تأتي في سياق دعوة الرئيس عبد المجيد تبون أحرار العالم للتحرك من أجل مقاضاة إسرائيل وعدم إفلات قادتها من العقوبة بعد ما ارتكبوه في غزة.
وشكلت نقابة المحامين في الجزائر، منذ أسابيع مجموعة عمل وأعدت خطة للتحرك على هذا الأساس. ويتكون فريق العمل من أسماء معروفة لها باع في العمل الحقوقي مثل المحامي مصطفى بوشاشي الذي كان يرأس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى جانب نقيب العاصمة سيليني عبد المجيد المحامي مشري بشير والمحامية زبيدة عسول وهي رئيسة حزب الاتحاد من أجل الرقي والتغيير والمحامي خبابة عمار وغيرهم.
ويؤكد المحامون في الجزائر أن قادة الكيان الصهيوني تمادوا في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 05 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمتمثلة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والتي تشكل انتهاكا للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية وجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 واتفاقية لاهاي المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 بل وکل بند من بنود ميثاق الأمم المتحدة.
وتعتقد نقابة المحامين الجزائرية أن محاسبة إسرائيل ممكنة، تبعا لإمكانية توثيق وإثبات كافة الجرائم المرتكبة حاليا وكافة انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية المرتكبة من قبل قادة الكيان الصهيوني، بناء على المواد 13 و15 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
عذراً التعليقات مغلقة