أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن طبيعة استخدام “آيا صوفيا” تتعلق بسيادة تركيا، مشيرا إلى أن تحويل الكنيسة إلى مسجد مرة أخرى خطوة سيسجلها التاريخ في صفحاته.
وقال أردوغان عقب توقيعه مرسوما يعيد كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد بناء على قرار المحكمة العليا في تركيا، إنه يدعو الجميع لاحترام قرار المحكمة العليا بشأن آيا صوفيا، وأضاف أنه لا يتدخل في شؤون الدول الأخرى، لا سيما في قضية أماكن العبادة، و”لن أقبل بالتدخل الخارجي بالشأن الداخلي لتركيا”.
وأشار إلى أن حق الشعب التركي في “آيا صوفيا” لا يقل عن حق من أنشأه قبل 1500 عام.
وأكد أردوغان أن آيا صوفيا سيكون مفتوحا أمام كل من يقصده من المسلمين والمسيحيين وكل الأجانب، مشيرا إلى أن أول صلاة في المسجد ستقام في 24 يوليو/تموز الجاري.
وكان أردوغان قد وقع مرسوما يحول آيا صوفيا إلى مسجد، وذلك عقب فترة وجيزة من قرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء وضع آيا صوفيا كمتحف.
ونشر أردوغان نسخة من المرسوم الذي وقعه على صفحته على تويتر، وينص المرسوم على أن قرارا اتخذ بتسليم إدارة مسجد آيا صوفيا لهيئة الشؤون الدينية في البلاد وفتحه للصلاة.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، إن فتح آيا صوفيا للعبادة لا ينقص شيئا من هويته التاريخية العالمية، مشيرا إلى أن بإمكان مزيد من الناس زيارته.
انتقادات خارجية
وتوالت ردود دولية على هذه الخطوة بالانتقاد، فقد أبدى الاتحاد الأوروبي أسفه بشأن قرار أردوغان، وقال جوزيف بوريل كبير مسؤولي السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن “حكم مجلس الدولة التركي بإبطال أحد القرارات التاريخية لتركيا الحديثة وقرار الرئيس أردوغان بوضع هذا الأثر تحت إدارة رئاسة الشؤون الدينية مؤسفان” .
من جهتها قالت وزيرة الثقافة اليونانية لينا مندوني إن القرار التركي بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد يمثل “استفزازا صريحا” للعالم المتحضر.
وأضافت الوزيرة في بيان، أن النزعة “القومية التي يبديها الرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان تعيد بلاده ٦ قرون إلى الوراء”.
في هذا السياق، قال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي كونستانتين كوساتشوف إن قرار السلطات التركية أثار رد فعل سلبيا في العالم المسيحي أجمع. وأشار كوساتشوف في تصريحات صحفية إلى أن أنقرة بهذا القرار ستبدو كأنها تخالف التوازن الديني وستفقد نفوذها كلاعب ديني مهم، وفق تعبيره.
من جهتها، ذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا عبرت اليوم الجمعة عن أسفها لأن القضاء التركي لم يعر مخاوفها اهتماما وقضى بعدم قانونية تحويل مسجد آيا صوفيا في إسطنبول لمتحف وفقا لمرسوم حكومي يرجع لثلاثينيات القرن العشرين، وقالت إن القرار قد يثير انقسامات كبرى.
وكان مسؤولون روس والكنيسة الأرثوذكسية الروسية حثوا تركيا على توخي الحذر حيال المساعي لإعادة متحف آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد، باعتبار أن له “قيمة مقدسة” لدى الروس.
بدورها، دعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) تركيا إلى الحوار قبل أي قرار من المرجح أن “يقوّض القيمة العالمية” لهذا النصب التذكاري العالمي.
وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية الجمعة، شددت اليونسكو التي تتخذ مقرا لها في باريس عبر رسالة بالبريد الإلكتروني على أن “آيا صوفيا كان مدرجا في قائمة التراث العالمي للبشرية كمتحف، مما يستتبع عددا من الالتزامات القانونية”.
وأضافت “بالتالي يجب على الدولة ضمان ألا يؤثر أي تعديل سلبا على القيمة العالمية للمواقع المدرجة على لائحة اليونيسكو. ويتطلب أي تعديل إخطارا مسبقا لليونسكو من الدولة المعنية ثم فحصا تجريه لجنة التراث العالمي”.
وعبّرت اليونسكو عن “هذه المخاوف لتركيا في رسائل عدة”، وكذلك عبر رسالة بعثت بها إلى الممثل التركي في اليونسكو مساء الخميس، داعية “السلطات التركية إلى بدء حوار قبل اتخاذ أي قرار قد يقوّض القيمة العالمية للموقع”.
وحُوّلت كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد مع فتح العثمانيين للقسطنطينية “إسطنبول” عام 1453، ثم صار متحفا عام 1935 على يد رئيس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، بهدف “إهدائه إلى الإنسانية”.
وسبق أن اقترح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعادة المبنى الأثري المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إلى مسجد مرة أخرى.
ووصف أردوغان الأسبوع الماضي انتقاد التحويل المحتمل لهذا الأثر التاريخي، بأنه هجوم على سيادة تركيا.
عن موقع الجزيرة نيت
عذراً التعليقات مغلقة