الرباط – أعرب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، عن أسفه لما وصفه بـ”غياب إرادة سياسية حقيقية وصادقة” لدى بعض أطراف المعارضة داخل مجلس النواب، ما حال دون التقدم في مشروع ملتمس الرقابة الذي كان يهدف إلى مساءلة الحكومة حول أدائها.
وخلال كلمته في دورة المجلس الوطني للحزب، المنعقدة اليوم السبت، كشف لشكر أن فريقه قرر تعليق التنسيق بشأن هذا الملتمس، بسبب ما اعتبره تعاملاً باستخفاف مع الآليات الرقابية الدستورية، وتركيز بعض الفرق المعارضة على “تفاصيل ذاتية وتقنية” لا تمت بصلة للتقاليد السياسية والبرلمانية.
وأشار لشكر إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي كان قد اقترح منذ نهاية 2023 تقديم ملتمس رقابة بمجلس النواب، وملتمس مساءلة الحكومة بمجلس المستشارين، مستنداً إلى الفصلين 105 و106 من الدستور، في ظل ما وصفه بـ”المعطيات المقلقة” التي تؤشر على فشل الحكومة في تدبير الشأن العام والإيفاء بوعودها الانتخابية.
ورغم إدراكه أن المعارضة لا تتوفر على الأغلبية العددية اللازمة لإسقاط الحكومة، شدد لشكر على أن تقديم ملتمس الرقابة يظل سلوكاً سياسياً مشروعاً يعبر عن موقف المعارضة، ويمنحها فرصة للتعبير داخل المؤسسة التشريعية، كما حدث في تجارب سابقة سنتي 1964 و1990.
وأضاف أن مبادرة الاتحاد الاشتراكي لقيت تفاعلاً نسبياً، لكنها واجهت صعوبات سياسية وأخرى تتعلق بتباين الأولويات داخل المعارضة، حيث طُرحت بالموازاة معها مبادرة أخرى لتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول دعم المواشي، وهي مبادرة انخرط فيها الفريق الاشتراكي رغم معرفته المسبقة بصعوبة تحقيق النصاب المطلوب لتفعيلها.
وأكد لشكر أن حزبه أعاد فتح النقاش حول ملتمس الرقابة، ودعا إلى التنسيق لصياغته بشكل توافقي وجمع التوقيعات اللازمة لتأمين الخُمس، كما ينص عليه الدستور، غير أن غياب الحماس اللازم من بعض الأطراف دفع إلى تجميد التنسيق.
واعتبر أن مجرد طرح المبادرة ساهم في تحريك المشهد السياسي، مبرزاً أنها تتجاوز الحسابات العددية، وتلامس الحاجة الوطنية إلى مأسسة الحوار السياسي، والتصدي لما وصفه بـ”السكتة المؤسساتية”، وإعلاء صوت المعارضة من داخل البرلمان.
وأكد الكاتب الأول أن هذه المبادرة تهدف إلى كسر القيود التي تعيق الدور الحقيقي للمعارضة، وتعزيز مسار البناء الديمقراطي وفق روح الدستور، بما يخدم هدف بناء دولة اجتماعية ومؤسسات قوية ومتوازنة.
وشدد على أهمية مراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتوسيع مشاركة مغاربة العالم، فضلاً عن تحصين الحياة السياسية من التطرّف والفساد، مبرزاً أن تفعيل هذه المطالب يندرج ضمن ما أسماه بـ”الاحتياطي الإصلاحي” الذي يتيحه الدستور، ويتطلب إرادة سياسية حقيقية.