تحتفل أسرة الأمن الوطني، اليوم الجمعة 16 ماي 2025، بالذكرى التاسعة والستين لتأسيسها، في مناسبة تستحضر فيها المؤسسة الأمنية مساراً طويلاً من التضحيات والإنجازات، وتجدد من خلالها وفاءها الراسخ لرسالة حفظ الأمن وخدمة المواطن، في إطار من الانضباط والاحترافية المتواصلة.
ويمثل هذا الحدث السنوي لحظة رمزية لتسليط الضوء على الدينامية الإصلاحية التي انخرطت فيها المديرية العامة للأمن الوطني، والتي شملت مجالات متعددة، من تطوير البنيات التحتية، إلى تعزيز القدرات البشرية، مروراً بتوسيع الخدمات الأمنية وتقريبها من المواطنين، وترسيخ مبادئ الحكامة الأمنية الجيدة.
تحولات هيكلية واستثمار في العنصر البشري
منذ إحداثها في 16 ماي 1956، عملت المديرية العامة للأمن الوطني على مواجهة التحديات الأمنية المتجددة، باعتماد سياسة استباقية، وتطوير مناهج العمل، ودعم وحداتها الميدانية تقنياً ولوجستيكياً. وقد عرفت المؤسسة خلال السنوات الأخيرة تحولات نوعية، خاصة على مستوى إدماج النساء في مختلف المهام والمسؤوليات الأمنية، وتطوير التكوين الشرطي، والارتقاء بأداء الشرطة التقنية والعلمية.
خدمات رقمية ومبادرات لتقريب الأمن من المواطن
في سياق تحديث الخدمات، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني جهودها في تبسيط الإجراءات وتقريب الإدارة من المرتفقين، حيث جرى إطلاق منصة “E-Police”، لتقديم الخدمات الشرطية رقمياً بشكل تفاعلي وآمن، مستفيدة من أحدث تقنيات الإدارة الرقمية.
كما شهدت سنة 2024 تعزيز برامج تعميم البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، من خلال تعبئة 80 وحدة متنقلة مجهزة، مكنت من تقديم خدماتها لأزيد من 130 ألف مواطن ومواطنة في المناطق القروية والنائية.
وبهدف تقوية حضورها الترابي، أحدثت المديرية 19 وحدة أمنية جديدة خلال العام نفسه، لتلبية حاجيات التوسع العمراني وتعزيز التغطية الأمنية في الأقطاب الحضرية.
استراتيجية أمنية متكاملة لمكافحة الجريمة
في إطار تنفيذ الاستراتيجية الأمنية الممتدة بين 2022 و2026، تم تكثيف الجهود لمكافحة الجريمة، عبر تطوير مختبرات الشرطة العلمية، وتوسيع فرق مكافحة العصابات، التي بلغ عددها 26 فرقة على المستوى الوطني، تم تجهيزها بوسائل حديثة، من بينها أسلحة غير فتاكة مثل “TASER-7″، وسيارات ودراجات خاصة، إلى جانب إدماج كلاب مدربة في مهام الكشف عن المتفجرات والمخدرات.
كما تم تعزيز التعاون بين المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في مواجهة القضايا الإجرامية المعقدة، وتوسيع استخدام آليات الاستعلام الجنائي والدعم التقني في الأبحاث والتحقيقات.
الابتكار الرقمي في مواجهة الجريمة الإلكترونية
ضمن جهودها لمواكبة التهديدات الرقمية، أطلقت المديرية منصة “إبلاغ” في يونيو 2024، لتسهيل تبليغ المواطنين عن التهديدات السيبرانية والجرائم الإلكترونية، مساهمة في إشراك المجتمع في الوقاية من المخاطر المرتبطة بالفضاء الرقمي.
استعدادات أمنية لتظاهرات كبرى
في سياق الاستعدادات لاحتضان المملكة لمنافسات كأس إفريقيا للأمم 2025، جرى تأهيل الخلايا الأمنية في عدة مدن وتحويلها إلى فرق ولائية للأمن الرياضي، وتزويدها بالوسائل البشرية واللوجستية اللازمة، إلى جانب إحداث مصلحة ولائية للأمن الرياضي بالدار البيضاء.
حضور دولي ومكانة رائدة
تُوجت الجهود المغربية في المجال الأمني دولياً، بانتخاب مرشح الأمن الوطني نائباً لرئيس منظمة “الأنتربول” عن قارة إفريقيا، خلال الجمعية العامة الـ92 للمنظمة التي انعقدت بغلاسكو في نونبر 2024، ما يعكس ثقة المجتمع الدولي في النموذج الأمني المغربي.
رعاية اجتماعية لفائدة الأسرة الأمنية
وفي الجانب الاجتماعي، واصلت مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني تقديم الدعم لفائدة أطر ومنتسبي الجهاز، حيث استفاد 1610 منخرطين من مساعدات استثنائية، كما تم تقديم دعم مادي وقسائم شراء لـ4351 أرملة و601 متقاعد من ذوي الدخل المحدود.
ثقة وطنية وشراكات دولية
تؤكد الذكرى التاسعة والستون لتأسيس الأمن الوطني ما حققته هذه المؤسسة من إشعاع داخلي وخارجي، بفضل اعتمادها على الكفاءة، والانفتاح على التحديث، وجعل خدمة المواطن في صلب أولوياتها، ما جعلها تحظى بثقة المغاربة وتقدير شركاء المملكة في مجال الأمن عبر العالم.