أثار قرار الاتحاد الأوروبي بعدم تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل موجة من الانتقادات الحقوقية والسياسية، على رأسها منظمة العفو الدولية التي اعتبرته «خيانة قاسية وغير مبررة». ووصفت المنظمة استمرار التعاون مع إسرائيل رغم الانتهاكات الجسيمة في غزة والضفة الغربية بأنه يقوض المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الاتحاد الأوروبي.
خلال اجتماع وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 15 يوليوز، تم مناقشة تعليق اتفاقية الشراكة الموقعة عام 2000، والتي تنص في مادتها الثانية على احترام حقوق الإنسان والديمقراطية كأساس للتعاون. ورغم وجود «مؤشرات واضحة» على انتهاكات إسرائيل لهذه الالتزامات، لم يتم التوصل إلى توافق سياسي لتعليق الاتفاقية، حسب تقارير رسمية داخلية.
ووصفّت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، موقف الاتحاد الأوروبي بأنه «واحد من أكثر اللحظات إحراجًا في تاريخه»، معتبرة أن الامتناع عن اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل في ظل ارتكابها جرائم حرب وانتهاكات ممنهجة يضع الاتحاد في موقع المتواطئ ويقوض مصداقيته كحامٍ للقانون الدولي.
ودعت منظمة العفو الدول الأعضاء إلى التحرك بشكل مستقل أو ضمن تحالفات، لمواءمة أفعالها مع القانون الدولي الذي يتفوق على قوانين الاتحاد الأوروبي والقوانين الوطنية. وأوضحت المنظمة أن بإمكان تلك الدول أن تتصرف كما لو أن الاتفاقية معلقة فعليًا، وأن تبادر من جانب واحد لتعليق كافة أشكال التعاون مع إسرائيل التي تساهم في انتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك اتخاذ إجراءات لوقف العلاقات التجارية والاستثمارية التي تدعم الوضع غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تماشياً مع فتوى محكمة العدل الدولية الصادرة عام 2024.
يأتي هذا الجدل في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وسقوط آلاف الضحايا المدنيين، مما يزيد من الضغط الشعبي والحقوقي على الحكومات الأوروبية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه تل أبيب.
وكشفت المناقشات داخل الاتحاد الأوروبي عن انقسامات واضحة بين دول مثل إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا التي تطالب باتخاذ إجراءات فورية، وأخرى مثل ألمانيا والتشيك والمجر التي تعارض فرض عقوبات على إسرائيل.
ومن المتوقع أن يعاد طرح هذا الملف في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين القادم، وسط دعوات متزايدة من منظمات حقوقية دولية لإعادة تقييم علاقات الاتحاد بإسرائيل بما يتوافق مع التزاماته القانونية والأخلاقية.