أكدت نتائج اختبارات الدورة العادية لامتحان نيل شهادة البكالوريا من جديد استمرار الإناث في توسيع حظوظ نجاحهن فيما يواصل الذكور الجمود/التقهقر.
وفي الوقت الذي أدخلت الإناث السرور علينا وهن يواصلن التقدم في مختلف أبعاد التعليم بالمغرب، يثير وضع الذكور أسئلة مقلقة، تتطلب تدخلا عاجلا لوقف ظاهرة تراجعهم الدراسي في مختلف مستوياته.
وأظهرت نتائج الدورة العادية الأخيرة من جهة، تأنيث النجاح بشكل عام، ومن جهة ثانية، تأنيث التفوق بشكل خاص.
فعلى مستوى النجاح، فتلك النتائج أظهرت أن الإناث يمثلن أزيد من 58 في المائة من مجموع الحاصلين على شهادة الباك في الدورة الأولى. كما تؤكد نفس النتائج أن نسبة النجاح وسط الإناث أكبر بكثير من نسبة النجاح وسط الذكور. حيث بلغت هذه النسبة وسط الإناث 72% من مجموع المتمدرسات اللواتي اجتزن هذه الاختبارات، فيما بلغت لدى الذكور فقط 62,6%.
وعلى مستوى التفوق، أكدت النتائج استمرار الإناث في انتزاع المعدلات الأعلى سواء على المستوى الوطني، أو على المستوى الجهوي. فنتائج الباك في دورتها الأولى أعطت أعلى معدل وطني لتلميذتين من جهة الدار البيضاء سطات بلغ 19.62. وعلى مستوى الجهات تكشف النتائج المعلنة لثماني جهات حتى الآن، أن الإناث يهيمن على 6 جهات من تلك الجهات. ويتوقع ألا تتغير هذه النتيجة في باقي الجهات.
من الخطأ الفادح النظر إلى هذه النتائج بعين سوداء متخلفة ترى أن الإناث ينتزعن النجاح والتفوق من الذكور، ذلك أن النتائج تؤكد أن نسبة النجاح وسط الإناث أعلى من نسبته وسط الذكور، ما يعني أن الحديث عن التنازع أو حتى التنافس على أساس النوع غير وارد بالمطلق، وأن الأمر يتعلق بظاهرة اجتماعية تتسع سنة بعد سنة عبر العالم، ولا تعكس سوى توسع تعافي النساء من أمراض التخلف، فيما يصاب الذكور بأمراض العزوف عن الدراسة والاجتهاد.
كما تؤكد قيادة الإناث للتفوق التعليمي تراجع الجد والاجتهاد وسط الذكور أكثر مما تعكس تنافسا على أساس النوع، حيث بإمكان الإناث رفع نسب نجاحهن وتفوقهن مقارنة مع مكاسبهن الماضية دون أن يخسر الذكور مكاسبهم القديمة، غير أن وقوع العكس يؤكد تراجع الذكور في الكسب الدراسي لأسباب تتعلق بتحولات سوسيو-اقتصادية تهمهم لا علاقة لها بتمدرس الإناث وتقدمهن.
وهذه المقاربة تسمح بالنظر الموضوعي والعلمي إلى ظاهرة ينبغي أن تستنفر الجميع، وهي ظاهرة تراجع التحصيل العلمي والدراسي لدى الذكور، ببحث أسبابه الموضوعية، بشكل متحرر عن المقاربات الأيديولوجية والصراعية الخاوية.
والسؤال الذي ينبغي أن يواجهه وزير التعليم، إضافة إلى غيره من الأسئلة، هو: ماذا أصاب تعليم الذكور؟ وما السبيل إلى معالجته؟
حسن بويخف
عذراً التعليقات مغلقة