الحكومة تُفعّل “العقد النموذجي” لتنظيم العلاقة بين الأسر والمدارس الخاصة في المغرب

sabkمنذ ساعتينآخر تحديث :
الحكومة تُفعّل “العقد النموذجي” لتنظيم العلاقة بين الأسر والمدارس الخاصة في المغرب

في خطوة ترمي إلى تقنين العلاقة بين أولياء الأمور ومؤسسات التعليم الخصوصي، كشف محمد سعيد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عن تفاصيل العقد النموذجي الجديد الذي سيُعتمد مستقبلاً لتنظيم التزامات وحقوق الطرفين، وذلك خلال عرضه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب.

هذا العقد، الذي يندرج ضمن مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، يهدف إلى تعزيز الشفافية داخل القطاع الخاص وضمان حقوق التلاميذ وأسرهم، في ظل الجدل المتكرر مع كل دخول مدرسي حول الرسوم المدرسية، شروط التمدرس، والخدمات المقدمة.

التزامات جديدة للمؤسسات التعليمية

وفق ما أعلنه الوزير، ينص العقد النموذجي على جملة من الالتزامات التي ستصبح ملزمة لمؤسسات التعليم الخصوصي، من بينها:

  • نشر لوائح الرسوم والواجبات المرتبطة بالخدمات التعليمية، سواء في فضاءات المؤسسة أو عبر منصاتها الإلكترونية.

  • منع أي زيادات في الرسوم خلال الموسم الدراسي.

  • فرض تعاقد مكتوب وشفاف مع أولياء التلاميذ.

  • حظر طرد أو رفض إعادة تسجيل أي تلميذ يتابع دراسته بالمؤسسة.

وأكد برادة أن لجانًا تربوية وإدارية على مستوى الأكاديميات الجهوية ستُكلّف بمراقبة مدى احترام المؤسسات لهذه المقتضيات، مشدداً على أن الوزارة “ستفرض الانضباط داخل القطاع” وستتخذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفات.

استجابة لنقاش مجتمعي متجدد

محمد الحنصالي، رئيس رابطة التعليم الخاص بالمغرب، أوضح أن العقد النموذجي تمت بلورته منذ سنة 2023، استجابة للنقاش المجتمعي الذي يتجدد كل سنة، خاصة حول قضايا تتعلق بمدة الدراسة، رسوم التأمين، رسوم التسجيل، والخدمات المدرسية المرافقة كالنقل والإطعام. ورغم جاهزية العقد، فإنه لم يُفعّل رسميًا إلى حدود الساعة، ما يطرح تساؤلات حول أسباب التأخير في التنزيل العملي.

ومن أبرز بنود هذا العقد:

  • تحديد مدة السنة الدراسية في 10 أشهر.

  • السماح بتفاوت الرسوم حسب الموقع الجغرافي وحجم الخدمات المقدمة.

  • الإعلان المسبق عن مواعيد التسجيل وبدايته ونهايته.

  • إلزام المؤسسات بإبلاغ الأسر بأي زيادة محتملة في الرسوم قبل نهاية الموسم الدراسي.

  • إقرار إمكانية تقديم التعليم عن بُعد كخدمة مدفوعة في حالات الطوارئ.

كما ينص العقد على إحداث لجان إقليمية خاصة لحل النزاعات المالية بين المؤسسات والأسر، تضم ممثلين عن الوزارة وجمعيات أولياء التلاميذ ومؤسسات التعليم الخصوصي، بهدف الوصول إلى حلول توافقية تضمن استمرارية تمدرس التلميذ، مع تمكينه من الانتقال إلى التعليم العمومي في حال تعذرت التسوية المالية.

إشادة مشروطة من جمعيات الآباء

من جهته، دعا نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، إلى ضرورة تتبع تفعيل هذا العقد بصرامة، مع تعزيز آليات المراقبة لردع التجاوزات، خصوصاً ما يتعلق بالزيادات غير المبررة في الرسوم التي تشهدها بعض المؤسسات الخاصة.

وأشار عكوري إلى أن توفر عقد مكتوب وشفاف يُعد أداة أساسية لتوضيح العلاقة التعاقدية بين الأسر والمدارس، خاصة فيما يتعلق بخدمات النقل والتأمين، داعيًا إلى تعميم الوعي بهذا العقد وسط الأسر المغربية.

قطاع في نمو مطرد

تجدر الإشارة إلى أن قطاع التعليم الخصوصي في المغرب شهد تطوراً كبيراً خلال العقد الماضي. فحسب تقرير صدر سنة 2020، بلغ رقم معاملاته حوالي 20 مليار درهم، ويضم أكثر من 6229 مؤسسة تقدم خدماتها لأزيد من مليون و105 آلاف تلميذ.

وخلال الفترة ما بين موسمي 2010/2011 و2019/2020، ارتفع عدد التلاميذ بالتعليم الخصوصي بنسبة 74.5%، مقابل نمو محدود بلغ 9.09% فقط في التعليم العمومي. كما بيّن التقرير أن 60% من مؤسسات التعليم الخصوصي تتركز في ثلاث جهات فقط: الدار البيضاء–سطات، الرباط–سلا–القنيطرة، وفاس–مكناس، فيما تقتصر حوالي 40% من هذه المؤسسات على التعليم الابتدائي فقط.

أما من حيث الموارد البشرية، فيشتغل بالقطاع أكثر من 104 آلاف شخص، من بينهم أكثر من 54 ألف مدرس، إلى جانب آلاف العاملين في مجالات النقل، الحراسة، النظافة، والإدارة.

نحو إصلاح حقيقي أم مجرد نوايا؟

رغم أهمية هذا العقد النموذجي وما يحمله من بنود تنظيمية واضحة، فإن نجاحه يظل مرهونًا بمدى التزام المؤسسات بتطبيقه، وتفعيل الرقابة الجدية من طرف الوزارة، وتوعية الأسر بحقوقها وواجباتها. كما أن تأخر تفعيله رغم إعداده منذ أكثر من سنة، يثير تساؤلات حول الإرادة الفعلية لتنظيم قطاع ظل لسنوات يسير وفق منطق السوق والعرض والطلب، دون حماية كافية للطرف الأضعف: الأسرة المغربية.

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة