ChatGPT a dit :
أعلن بنك المغرب عن إطلاق مشروع “الدرهم الرقمي”، في خطوة استراتيجية تعكس طموح المملكة نحو اقتصاد رقمي أكثر استقلالية وفعالية. هذه المبادرة لا تقتصر على التطوير التكنولوجي، بل تمثل تحولًا نوعيًا في مسار السيادة الاقتصادية والرقمية، وتعكس رؤية شاملة لتعزيز حضور المغرب في المشهد المالي العالمي.
الدرهم الرقمي، الذي يُعد عملة وطنية رقمية رسمية، يصدر عن بنك المغرب ويتمتع بكامل الصفة القانونية، ويقوم على بنية تقنية متطورة تعتمد على البلوكتشين الخاصة. ورغم اعتماده على نفس التكنولوجيا التي تقف خلف العملات المشفرة، فإن الدرهم الرقمي يختلف عنها في جوهره، فهو ليس عملة لا مركزية، بل يُدار ويُراقب من قبل المؤسسة النقدية الوطنية، ما يضمن التوازن بين الأمان والشفافية من جهة، والرقابة والسيادة من جهة أخرى.
واحدة من أبرز سمات هذا المشروع تكمن في إتاحته للتداول خارج المنظومة البنكية التقليدية، إذ يمكن للمستخدمين إجراء التحويلات والمدفوعات مباشرة بين الهواتف المحمولة، دون الحاجة إلى حسابات مصرفية. هذه الميزة تمثل دفعة قوية نحو الإدماج المالي، خصوصًا في المناطق التي تعاني من ضعف التغطية البنكية أو صعوبات في الوصول إلى الخدمات المالية التقليدية.
لكن الرهان على الدرهم الرقمي يتجاوز الجوانب التقنية والمالية، ليصبح أداة استراتيجية في يد الدولة. بفضل خاصية “البرمجة”، يمكن استخدامه لتوجيه الدعم الاجتماعي بدقة، مع إمكانية ضبطه زمنيًا وجغرافيًا، وضمان توجيهه نحو الأغراض المحددة سلفًا، بما يحد من الهدر وسوء الاستعمال.
المشروع يفتح أيضًا آفاقًا واسعة في مجال التعاون المالي الدولي، خصوصًا بين بلدان الجنوب، حيث يمكن اعتماد التسويات المباشرة بين العملات الرقمية الوطنية دون المرور عبر الأنظمة التقليدية مثل “سويفت” أو الحاجة إلى الدولار كوسيط، ما يعزز الاستقلالية النقدية ويقلل من التبعية للأسواق الخارجية.
في ظل التحولات الجيوسياسية والتحديات الأمنية المرتبطة بتدفق البيانات والمعاملات، يشكل الدرهم الرقمي ركيزة أساسية في بناء سيادة رقمية مغربية متكاملة. ومن خلال هذا المشروع، يعزز المغرب تحكمه الكامل في فضائه النقدي والرقمي، ويؤكد مكانته كفاعل متقدم في تبني الحلول المالية المستقبلية.