في سياق الاستعدادات التنظيمية والاجتماعية لاحتضان نهائيات كأس العالم 2030، أعلن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن وضع خطة وطنية متعددة الأبعاد لتعزيز خدمات الصحة النفسية والعقلية، مع التركيز على التكفل الفوري بالأشخاص المختلين وتحسين ظروف الرعاية النفسية في مختلف جهات المملكة.
الوزير، الذي كان يتحدث خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أكد أن الصحة النفسية باتت محوراً رئيسياً في السياسات الصحية الوطنية الحديثة، مشيراً إلى أنها تشكل دعامة أساسية لتحقيق توازن المجتمع وجودة حياة المواطنين.
نقص في الأطر الصحية وتوزيع غير عادل
رغم التقدم الحاصل، اعترف التهراوي باستمرار التحديات، خاصة على مستوى قلة الموارد البشرية المتخصصة والتوزيع غير المتكافئ للخدمات بين المناطق، مشيراً إلى أن عدد الأطر الصحية المختصة بلغ هذه السنة 3230 مهنياً، منهم:
319 طبيباً نفسياً بالقطاع العام
274 بالقطاع الخاص
76 طبيباً نفسياً للأطفال
1700 ممرض متخصص في الصحة العقلية
وللتقليص من هذا العجز، تم تخصيص 123 منصباً مالياً جديداً خلال عامي 2024 و2025، ضمنهم 34 طبيباً نفسياً و89 ممرضاً في التخصص ذاته.
إصلاح تكويني وتشريعي موازٍ
في الشق الأكاديمي، أوضح الوزير أن الوزارة تعمل على توسيع الطاقة الاستيعابية للمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، إلى جانب التنسيق مع وزارة التعليم العالي لتفعيل لجان التكوين التطبيقي الجهوي، وفقاً للمرسوم 2.24.646. كما يتم تفعيل الاتفاقية-الإطار الموقعة سنة 2022، بهدف تعزيز التكوين والبحث في الصحة النفسية بحلول عام 2030.
وفي موازاة ذلك، يتم العمل على مراجعة الإطار القانوني للصحة العقلية، قصد ملاءمته مع المعايير الدولية، ووضع بروتوكولات علاجية خاصة بالاضطرابات الأكثر شيوعاً مثل الفصام والاكتئاب ومحاولات الانتحار.
مخطط استراتيجي للصحة النفسية يمتد إلى 2030
وأكد التهراوي أن الوزارة شرعت في تنفيذ المخطط الوطني الاستراتيجي للصحة النفسية والعقلية 2030، والذي يهدف إلى:
تعميم مصالح الصحة النفسية في المستشفيات العمومية
إحداث وحدات استشارية نفسية بالمناطق التي تفتقر إليها
تشكيل فرق تدخل لمعالجة الأزمات النفسية والاجتماعية
تعزيز خدمات إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي لذوي الإعاقات العقلية
كما أشار إلى انعقاد اجتماع مركزي قبل عشرة أيام خُصص لتدارس الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية، مع الإعداد لعقد اجتماعات تقنية تفصيلية لوضع إجراءات عملية قابلة للتنفيذ خلال الأسابيع المقبلة.
غياب منظومة للاستجابة العاجلة وإعادة الإدماج
وسجل الوزير وجود ثغرات في منظومة التكفل الفوري بالمرضى النفسيين، لافتاً إلى أن هذا القصور ينعكس على المشهد العام بظهور حالات مرضية في الشوارع، مشدداً على أن الوزارة تعمل على معالجة هذا الإشكال بالتعاون مع مختلف الشركاء.
وفي ما يخص مرحلة ما بعد العلاج، أكد التهراوي على غياب منظومة شاملة لإعادة الإدماج الأسري والاجتماعي للمرضى النفسيين، داعياً إلى تكاثف الجهود بين القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية لضمان تعافي المرضى واندماجهم الكامل في المجتمع.
رؤية جديدة لصحة نفسية متكاملة
مع اقتراب مونديال 2030، يسعى المغرب من خلال هذه الخطة إلى بناء نظام صحي نفسي متكامل يراعي الكرامة الإنسانية ويوفر خدمات ذات جودة على امتداد التراب الوطني، في خطوة تعكس التزام المملكة بتقديم نموذج تنموي وإنساني متوازن على المستوى الإقليمي والدولي.
عذراً التعليقات مغلقة