أكد تقرير دولي صادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن المغرب يرسخ مكانته كقوة فلاحية إقليمية، حيث أصبح من بين أبرز ثلاث دول إفريقية من حيث قيمة صادرات الفواكه، إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا. ويُظهر التقرير، المعنون بـ”الآفاق الزراعية للفترة 2025-2034″، أن المملكة استطاعت خلال العقدين الأخيرين أن تطور أداءها الزراعي بشكل لافت، مما مكنها من التموقع بقوة في السوق الأوروبية التي تشهد طلباً متزايداً على الفواكه ذات الجودة العالية.
ويُعزى هذا التطور إلى جملة من العوامل البنيوية والاستراتيجية، أبرزها تحسين البنية التحتية الزراعية وتطوير سلاسل القيمة التي ربطت حلقات الإنتاج، من المزرعة إلى التوضيب ثم التصدير. هذه التحسينات سهلت الولوج إلى أسواق ذات قدرة شرائية مرتفعة، خاصة في أوروبا الغربية، ما جعل من الحمضيات والعنب رافعتين أساسيتين لنمو الصادرات المغربية، بفضل جودة الإنتاج وتكامل عمليات سلسلة التوريد.
على مستوى الإنتاج، يُعد المغرب أيضاً من كبار منتجي الفواكه من حيث القيمة داخل القارة الإفريقية، إلى جانب دول مثل الجزائر ونيجيريا، مستفيداً من موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، ما يتيح تصديراً سريعاً وفعالاً يتماشى مع متطلبات المستهلك الأوروبي. وأكد التقرير أن هذا الامتياز الجغرافي، مقترناً بجودة الإنتاج، يمنح المغرب أسبقية واضحة في تلبية الطلب المتنامي على الفواكه المتوسطية.
كما أن السياسات الفلاحية التي اعتمدتها المملكة في العقود الأخيرة كان لها دور حاسم في هذا الأداء المتقدم، إذ ساهم كل من مخطط “المغرب الأخضر” ومخطط “الجيل الأخضر 2020-2030” في تعزيز الإنتاجية، وتحسين جودة المحاصيل، وتوسيع قاعدة الأسواق المستهدفة، إلى جانب دعم الفلاحين والمنتجين الصغار والمتوسطين، وتحديث سلاسل القيمة الزراعية بشكل يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الزراعة المستدامة.
ويرى التقرير أن الفلاحة المغربية مرشحة للعب دور محوري في تغذية الأسواق الإقليمية والدولية خلال العقد المقبل، خاصة مع تواصل الطلب الأوروبي على الفواكه عالية الجودة، وتزايد الاستثمارات في أساليب الإنتاج المستدام والمبتكر، ما يمنح المغرب آفاقاً واعدة للريادة في القطاع الزراعي على الصعيدين الإفريقي والدولي.