في مقال جديد بصحيفة نيويورك تايمز، عبّر الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان عن قلقه العميق من الطريقة التي تدير بها الحكومة الإسرائيلية حربها على قطاع غزة، محذرًا من تداعيات تتجاوز حدود السياسة لتطال الهوية اليهودية نفسها ونظرة العالم إليها.
وأشار فريدمان إلى أن “الصورة العالمية لإسرائيل في تدهور مستمر”، وأن هذا التراجع قد ينعكس سلبًا على المؤسسات اليهودية في العالم، سواء من الناحية الأمنية أو من حيث مكانتها الأخلاقية. كما لفت إلى أن بعض الإسرائيليين “العقلاء”، كما وصفهم، بدأوا يفكرون في مغادرة البلاد، في تحول لافت عن عقود من دعوات الهجرة إلى إسرائيل.
“رفض داخل المؤسسة العسكرية”
المقال سلط الضوء على مؤشرات مقلقة داخل إسرائيل نفسها، مشيرًا إلى أن أصواتًا من المؤسسة العسكرية – من طيارين وضباط احتياط – بدأت تعبر عن رفضها لسياسات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفها فريدمان بأنها “عدمية ولا أخلاقية”.
وأضاف أن شعورًا بالخزي بدأ يتسلل إلى صفوف الإسرائيليين، في ظل استمرار الحرب بلا أفق سياسي واضح، وسط مطالبات متزايدة من يهود أميركا بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير مسارها.
العالم سيشهد الحقيقة
وتوقع فريدمان أن يزداد الغضب العالمي عندما يُسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بالدخول بحرية إلى غزة وتوثيق حجم الدمار، مؤكدًا أن “ردة الفعل ستكون قاسية، ليس فقط على إسرائيل، بل على اليهود حول العالم”.
وأكد الكاتب، الذي عُرف بدعمه لحل الدولتين وحق إسرائيل في العيش بأمان، أن تجاهل معاناة المدنيين في غزة، والنهج السلطوي المتزايد في إسرائيل، يشكلان خطرًا وجوديًا على مستقبل اليهودية السياسية والأخلاقية.
“أهداف شخصية وطابع انتقامي”
وانتقد فريدمان ما وصفه بانزلاق الحرب إلى خدمة أجندات شخصية وسياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، متهمًا قادة سياسيين بإضفاء طابع انتقامي على العمليات العسكرية وتبريرها بمبررات أخلاقية واهية.
وأشار إلى تصريحات “صادمة” من بعض المسؤولين الإسرائيليين حول “معدلات القتل” اليومية في غزة، والتي مرت دون أي اعتراض داخلي يُذكر، في دلالة على “تآكل خطير في منظومة القيم”، حسب قوله.
“على الطيارين أن يرفضوا”
وفي ختام مقاله، دعا فريدمان أفراد الجيش، وخاصة الطيارين، إلى التحلي بالشجاعة ومساءلة ما يُطلب منهم تنفيذه، مؤكدًا أنهم “سيحملون عبء هذه الأفعال أخلاقيًا طوال حياتهم”.
كما أشار إلى رسالتين وصلتا إليه من نمرود نوفيك، المستشار السابق لشمعون بيريز، تنقلان نداءً عاجلًا من منظمة “قادة أمن إسرائيل”، وهي مجموعة من المسؤولين الأمنيين السابقين، يحثون فيه يهود الشتات على التحرك والوقوف بوضوح ضد ما يجري في غزة، قبل أن تتسع الكارثة وتطال الجميع