دراسة:المغرب يخطو نحو ريادة صناعة بطاريات الليثيوم أيون

sabk16 مارس 2025آخر تحديث :
دراسة:المغرب يخطو نحو ريادة صناعة بطاريات الليثيوم أيون

في إطار التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة وتقليص الانبعاثات الكربونية، يبرز المغرب كمرشح قوي للعب دور محوري في صناعة بطاريات الليثيوم أيون، التي تُعد أساسية في تشغيل السيارات الكهربائية.

دراسة مغربية حديثة، نُشرت في مجلة Sustainable Energy Technologies and Assessments، أظهرت أن المغرب يمتلك احتياطات ضخمة من المعادن الضرورية لهذه الصناعة، بما في ذلك 30 مليون طن من الفوسفات، 1.5 مليون طن من المنغنيز، 45 مليون طن من الكوبالت والنيكل، و5 ملايين طن من النحاس، بالإضافة إلى ترسبات واعدة من الليثيوم والحديد والجرافيت.

ورغم هذه الثروات الطبيعية الكبيرة، فإن معظم هذه المواد يتم تصديرها بشكل خام أو نصف مصنع، مما يفوت على الاقتصاد الوطني فرص إضافة قيمة مضافة وتحفيز النمو الصناعي وتوفير فرص العمل.

على الصعيد العالمي، يشهد قطاع النقل سباقًا محمومًا للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث يمثل هذا القطاع 15% من الانبعاثات الكربونية. في ضوء أهداف اتفاق باريس للمناخ، التي تسعى لخفض الانبعاثات بنسبة 45% بحلول عام 2030، يصبح التحول نحو السيارات الكهربائية خيارًا لا مفر منه. وتُتوقع زيادة هائلة في عدد السيارات الكهربائية، لتصل إلى أكثر من 142 مليون وحدة في السنوات المقبلة، مقارنة بـ 11.3 مليون وحدة في عام 2020.

وفي هذا السياق، أشار البروفيسور ماهر القاضي، الباحث بجامعة كاليفورنيا والمتخصص في التنقل الكهربائي، إلى مفارقة لافتة: بينما يتصدر المغرب العالم في احتياطي الفوسفات، الذي يعد عنصراً أساسياً في بطاريات LFP، فإن الصين تهيمن على صناعة مكونات البطاريات بفضل استثماراتها المبكرة في سلاسل الإمداد، وتطور بنيتها الصناعية، وتكاليفها الإنتاجية المنخفضة.

لكن هذه السيطرة الصينية تفتح فرصًا جديدة أمام المغرب، حيث بدأت الشركات الصينية في نقل جزء من استثماراتها إلى المملكة لتجنب الرسوم الجمركية المفروضة من الولايات المتحدة وأوروبا. من أبرز هذه الفرص توقيع مجموعة CNGR الصينية اتفاقية مع طرف مغربي لإنشاء مصنع لإنتاج مواد البطاريات، باستثمار يتجاوز ملياري دولار، مع مساهمة مغربية تصل إلى 50%.

المشروع لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يشمل أيضًا نقل التكنولوجيا وتعزيز الكفاءات المغربية في المجال الصناعي، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير القطاعات المحلية.

وأوصت الدراسة بضرورة تسريع عملية استكشاف واستغلال المعادن الوطنية، وتطبيق سياسات صناعية تهدف إلى تحويل هذه الموارد إلى منتجات نهائية. كما شددت على أهمية تكوين الكفاءات الوطنية وجذب الاستثمارات ذات القيمة المضافة. وأكدت على أهمية بناء شراكات استراتيجية مع اللاعبين الدوليين والاستفادة من التجربة الصينية في هذا المجال.

بينما تسعى العديد من الدول لتأمين مواقع متقدمة في سلاسل إمداد بطاريات المستقبل، يقف المغرب اليوم أمام فرصة تاريخية لتحويل موارده الطبيعية إلى رافعة اقتصادية. لكن النجاح في هذا المسار يتطلب إرادة سياسية قوية، وتخطيطًا استراتيجيًا بعيد المدى، وقدرة على التفاعل مع التحولات الجيوصناعية العالمية.

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة