في تطور مثير يعيد تسليط الضوء على حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، كشفت دراسة علمية منشورة على منصة Harvard Dataverse التابعة لجامعة هارفارد الأمريكية عن أرقام صادمة توثق أعداد الضحايا الذين لم يُعلن عنهم رسميًا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر 2023.
وأفادت الدراسة، التي أعدها الباحث الإسرائيلي ياكوف غارب من جامعة بن جوريون، بأن أكثر من 377 ألف فلسطيني اختفوا من السجلات السكانية، أي ما يعادل نحو واحد من كل خمسة أشخاص كانوا يعيشون في غزة قبل الحرب، بينما يشكل الأطفال ما يقارب نصف هذا العدد، أي حوالي 189 ألف طفل.
واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات صادرة عن الجيش الإسرائيلي، ومقارنتها بخريطة التوزيع السكاني لما قبل الحرب، لتخلص إلى نتائج وصفتها المجلة الطبية البريطانية The Lancet بأنها قد تشير إلى مستوى غير مسبوق من الإبادة الجماعية.
وفي تقرير نشرته المجلة مطلع عام 2025، قُدّر أن حوالي 41% من ضحايا الحرب لم يتم تسجيلهم رسميًا، ما يعني أن الحصيلة الحقيقية للوفيات قد تقترب من 598 ألف شخص، وهو رقم يتجاوز أضعاف ما أُعلن عنه إعلاميًا، ويضاهي أرقام الإبادات الجماعية الكبرى في التاريخ الحديث مثل رواندا.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن الأرقام الرسمية التي تتحدث عن نحو 61 ألف شهيد حتى الآن، لا تعكس الواقع على الأرض، في ظل وجود آلاف الجثث العالقة تحت الأنقاض، وآلاف آخرين دفنوا دون تسجيل رسمي، إضافة إلى أعداد كبيرة هجّرت قسراً إلى خارج القطاع.
كما تتهم الدراسة مبادرة GHF المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً، والتي أُطلقت كبديل لوكالة “الأونروا”، بتحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة للسيطرة الأمنية، مشيرة إلى مسؤوليتها عن مقتل مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية، من بينهم أكثر من 500 شخص قُتلوا خلال الشهر الأخير وحده.
ووفق أحدث الإحصائيات، انخفض عدد سكان قطاع غزة من 2.2 مليون نسمة قبل الحرب إلى حوالي 1.8 مليون حالياً، ما يعني فقدان أو تهجير نحو 400 ألف شخص بين قتلى ومفقودين ومهجّرين.
ورغم قيام الباحث الإسرائيلي لاحقاً بحذف الدراسة من منصة هارفارد وتعديل أرقامها بدعوى “سوء الحسابات”، إلا أن الجدل لا يزال محتدماً حول مدى صحة البيانات، وسط اتهامات بتعتيم إعلامي دولي وانتقادات حادة للتواطؤ الدولي في الصمت عن حجم المأساة الإنسانية في غزة.