تتسارع الشركات الأوروبية للبحث عن فرص استثمارية في المغرب في محاولة للتخفيف من تداعيات الزيادة الأخيرة في الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصادرات الأوروبية. هذا التوجه أصبح واضحاً في مقال رأي كتبه دانييل بايس، مدير المنطقة المؤسسية لشركة “أندرسن” في برشلونة، نُشر على موقع “vozpopuli” الإسباني، حيث دعا الشركات الأوروبية إلى النظر نحو المغرب كوجهة جديدة.
وأوضح بايس أن الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية من قبل الرئيس الأمريكي تشكل تحدياً خطيراً بالنسبة للشركات الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة، مشيراً إلى إمكانية فرض شروط أكثر صرامة قد تؤدي إلى رفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية الواردة إلى أوروبا. ورغم أن هذا التطور ما زال في مراحله المبكرة، إلا أن بايس يرى أنه ينبغي على الشركات المصدرة المتضررة البحث عن سبل للتخفيف من الآثار السلبية لهذه الإجراءات على أرباحها.
موقع المغرب الاستراتيجي
وأكد بايس أن المغرب يمكن أن يكون حلاً محتملاً لهذه الشركات. فالمملكة تتمتع بعلاقات تاريخية وثيقة مع الولايات المتحدة، كما تعزز التعاون الاستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي في مجالات التجارة والأمن والهجرة. في هذا السياق، أشار بايس إلى اتفاقيات مهمة مثل “الاتفاق الأورومتوسطي” الذي وقع مع الاتحاد الأوروبي عام 1996، و”اتفاقية التجارة الحرة” الموقعة مع الولايات المتحدة في 2004، واللتين مهدتا الطريق لإنشاء مناطق تجارة حرة بين هذه الأطراف.
التثليث عبر المغرب: فرصة استراتيجية
أوضح بايس أن الشركات الأوروبية التي تنتج سلعاً في المغرب أو تمتلك فروعاً هناك يمكنها الاستفادة من المعاملة التفضيلية في كل من السوق الأمريكية والأوروبية. وذلك من خلال الاستفادة من الإعفاءات الجمركية التي تتيحها الاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بشرط أن تكون السلع المنتجة في المغرب “ذات منشأ مغربي”. وهذا التثليث عبر المغرب قد يوفر سبيلاً للوصول إلى أسواق أوروبا وأمريكا بشكل أكثر فاعلية من التصدير المباشر.
وأشار إلى أن هذا المسار يتطلب دراسة متأنية لقواعد المنشأ الصارمة، كما يجب مراعاة التكاليف المرتبطة بالاستثمار في المغرب. وعلى الرغم من أن التثليث ليس خاليًا من التحديات، إلا أنه يمثل فرصة استراتيجية تستحق النظر، خاصة بالنسبة للشركات التي تصدر بكميات كبيرة إلى الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
المزايا التي يقدمها المغرب
أضاف بايس أن هناك عوامل عدة قد تسهل هذا التوجه، مثل قرب المغرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية والأمريكية، والبنية التحتية المتطورة للموانئ، لا سيما ميناء طنجة المتوسط، الذي يعد من أهم الموانئ في المنطقة. كما أن الحكومة المغربية تقدم حوافز قوية للاستثمار الأجنبي، تشمل تسهيلات ضريبية وإعفاءات جمركية، ما يجعل من المغرب وجهة جذابة للاستثمار.
في ختام مقاله، أشار بايس إلى أن استراتيجية التثليث عبر المغرب يمكن أن تعزز القدرة التنافسية للشركات الأوروبية في السوق الأمريكية والأوروبية، شريطة إجراء تحليل دقيق للتكلفة والفائدة. وأكد على أن التخطيط السليم يمكن أن يقلل من المخاطر المرتبطة بالاستثمار في المغرب، ويمنح الشركات فرصة لتوسيع نطاق عملها في بيئة تجارية أكثر مرونة.
عذراً التعليقات مغلقة