في إنجاز علمي جديد قد يُحدث تحولاً في علاج الأمراض العصبية، تمكن باحثون من جامعة ميسوري الأمريكية من تسليط الضوء على مركب طبيعي موجود في الخضروات والفواكه يحمل قدرات علاجية واعدة لعدد من الأمراض التنكسية، من أبرزها ألزهايمر والتصلب الجانبي الضموري.
المركب المعروف باسم “كامبفيرول” يوجد بكثرة في الكرنب الأحمر، التوت البري، ونبات الهندباء، وقد أظهر في تجارب مخبرية نتائج مبهرة على خلايا عصبية مأخوذة من مرضى يعانون من التصلب الجانبي الضموري، حيث ساهم في تحسين أدائها وتقليل معدلات التدهور العصبي.
تقول البروفيسورة سميتا ساكسينا، قائدة الفريق البحثي: “لم نتوقع أن نجد هذا المستوى من التأثير في مركب طبيعي. ما رصدناه يتجاوز بكثير ما حققته العديد من الأدوية المصنعة التي جربناها سابقاً”.
ويتميز “كامبفيرول” بقدرته على العمل عبر مسارين بيولوجيين متكاملين: أولهما تعزيز وظيفة الميتوكوندريا – مركز إنتاج الطاقة داخل الخلية – وثانيهما تخفيف الضغط على الشبكة الإندوبلازمية، وهي المسؤولة عن تصنيع ومعالجة البروتينات. ويُعتقد أن الاضطراب في هذين المسارين يمثل عاملاً مشتركاً في أغلب الأمراض العصبية التنكسية.
رغم هذا التفاؤل، لا تزال هناك عقبة رئيسية أمام استخدام “كامبفيرول” كعلاج فعال، تتمثل في محدودية امتصاصه من قِبل الجسم، إذ لا يتم امتصاص سوى أقل من 5% منه عند تناوله عبر الغذاء. كما أن الحاجز الدموي الدماغي – الذي يحمي الدماغ من المواد الغريبة – يُعد حاجزاً طبيعياً يمنع المركب من الوصول إلى الخلايا العصبية المستهدفة.
من أجل تجاوز هذه التحديات، يعكف الفريق العلمي على تطوير تقنية نانوية متقدمة تعتمد على جسيمات دقيقة محاطة بالدهون يمكنها نقل المركب وتوصيله إلى الدماغ بفعالية. ويأمل الباحثون في الشروع في التجارب المخبرية لهذه التقنية قبل نهاية العام الجاري.
وترى ساكسينا أن ما تحقق حتى الآن يمثل بداية واعدة لعصر جديد في علاج الأمراض العصبية: “كامبفيرول أظهر فعالية حتى بعد ظهور الأعراض، وهذا يمنحنا أملاً كبيراً في تطوير علاج حقيقي يعمل على تحسين نوعية حياة المرضى وليس فقط تأخير تدهور حالتهم”.
ومع استمرار الأبحاث وتطور تقنيات التوصيل الدوائي، قد لا يكون اليوم الذي يصبح فيه “كامبفيرول” حجر الزاوية في علاج أمراض مثل ألزهايمر والتصلب العصبي، بعيداً كما كان يُعتقد.
عذراً التعليقات مغلقة