محكمة النقض تُقر بحق المولود من علاقة غير شرعية في التعويض عن الضرر

sabkمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
محكمة النقض تُقر بحق المولود من علاقة غير شرعية في التعويض عن الضرر

أصدرت محكمة النقض بتاريخ 15 أبريل 2025 قرارًا قضائيًا يُعد اجتهادًا نوعيًا، اعتبرت فيه أن الطفل الناتج عن علاقة جنسية غير شرعية لا يستحق نفقة شرعية، لكنه يحق له الحصول على تعويض مادي في إطار جبر الضرر، استنادًا إلى قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن الجريمة التي تسببت في ولادته.

جاء هذا القرار على خلفية دعوى رفعتها سيدة من مدينة الحسيمة في 3 مارس 2023، أكدت فيها أنها تعرضت لاعتداء جنسي من طرف شخص استغل وضعها النفسي والعقلي، مما نتج عنه حمل وولادة طفل في غشت 2022. وقد تمّت متابعة الجاني بتهمة هتك عرض شخص معروف بضعف قواه العقلية، وصدر في حقه حكم قضى بسنة واحدة حبسًا نافذًا.

السيدة طالبت بتعويض مادي لفائدة ابنها، يغطي نفقاته المعيشية الأساسية، باعتبار أن الطفل لا يتحمل مسؤولية ظروف ولادته، وأن الجاني مسؤول عن الضرر الناتج عن فعله. وقدّرت الأم التعويض الشهري بمبلغ 500 درهم، انطلاقًا من تاريخ الولادة، وطلبت استمراره إلى حين بلوغ الطفل سن الرشد، أو 25 سنة في حال متابعته للدراسة.

ورغم أن المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف رفضتا الطلب، إلا أن محكمة النقض رأت غير ذلك، معتبرة أن الدعوى لا ترمي إلى إثبات النسب أو ترتيب آثار البنوة الشرعية، بل إلى المطالبة بتعويض ناتج عن فعل غير مشروع ترتب عنه ضرر مادي ومعنوي للطفل.

تأصيل شرعي وقانوني

دعمت محكمة النقض قرارها بجملة من الأدلة الشرعية والفقهية، من بينها قول الإمام مالك بأن من زنى بمجنونة فعليه الصداق، لكونه نال منها ما ينال من العاقلة، وكذلك قول السيدة عائشة رضي الله عنها في ولد الزنا: “ما عليه من ذنب أبويه شيء”، مستشهدة بقول الله تعالى: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، وأيضًا ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “أكرموا ولد الزنا وأحسنوا إليه”.

كما استندت المحكمة إلى الحقوق الدستورية للطفل، التي تضمن له الرعاية الصحية والغذائية والتعليمية والمسكن، إلى حين بلوغه سن الرشد، وهو ما يعزز ضرورة تعويضه عن الضرر الناتج عن الفعل الإجرامي الذي حرم الطفل من حقه في بيئة أسرية مستقرة ومشروعة.

نحو اجتهاد قضائي جديد

بناءً عليه، قررت محكمة النقض نقض الحكم الاستئنافي، وإحالة الملف من جديد إلى محكمة الاستئناف بفاس للبت فيه وفق هذا التوجه.

ويُعتبر هذا القرار خطوة متقدمة في اتجاه إرساء عدالة اجتماعية أكثر شمولاً، تُراعي مصلحة الطفل، وتُحمّل الجاني تبعات أفعاله، حتى في غياب الاعتراف بالنسب. كما يفتح النقاش أمام تطوير السياسة القضائية في التعامل مع الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، خاصة في الحالات المرتبطة بجرائم الاعتداء والاستغلال.

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة