على هامش أعمال الدورة السادسة والسبعين في يونيو 2022، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 يونيو من كل عام يوماً دولياً للمرأة في العمل الدبلوماسي، لتسليط الضوء على إسهامات النساء في هذا المجال الذي كان سابقاً حكراً على الرجال. يهدف هذا اليوم إلى إبراز دور النساء كفاعلات قويات وكفوءات في الدبلوماسية، ومساهماتهن الأساسية في تثبيت الأمن والسلم الدوليين. كما يعد مناسبة للاحتفاء بمساهمات المرأة الدبلوماسية المغربية في الجهود الدبلوماسية لبلادها في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وانخراطها الإيجابي في الدفاع عن مصالح المغرب، بما في ذلك قضية الصحراء.
في هذا السياق، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، إن “المكانة المرموقة التي تحتلها المرأة في الخريطة الدبلوماسية الرسمية المغربية تعكس رؤية ملكية راسخة تسعى إلى تحقيق التكافؤ بين الجنسين وتمكين المرأة لتضطلع بأدوار قيادية في مختلف المجالات”.
وأضاف أن “المرأة المغربية شغلت مناصب قيادية رفيعة المستوى، مثل السفيرة والقنصل والمنسقة والملحقة الثقافية، في العديد من البلدان والمنظمات الدولية. وهذا يؤكد دورها البارز في التمثيل الدبلوماسي للمملكة. الأميرة للا عائشة، على سبيل المثال، كانت أول سفيرة في العالم العربي، وشاركت بشكل مبكر في الحياة السياسية منذ السنوات الأولى لاستقلال المغرب. في مارس 1965، عينها شقيقها الملك الراحل الحسن الثاني سفيرة للمغرب في لندن، لتكون أول سفيرة في العالم العربي حتى عام 1968”.
شدد البراق شادي عبد السلام على أن “المرأة الدبلوماسية المغربية تلعب أدواراً ريادية في المحافل الإقليمية والعالمية، حيث تُسهم بفعالية في تعزيز العلاقات الدبلوماسية للمملكة مع مختلف دول العالم. كما تشارك بشكل فعّال في جهود تحقيق السلام والأمن الدوليين مستفيدة من مهاراتها القيادية والتفاوضية المتطورة، إذ تُعتبر محل اعتزاز وفخر لدى المواطنين بما تحققه من إنجازات في المحافل الدولية في الدفاع عن المقدسات الوطنية والترافع الجدي عن القضايا العادلة للوطن؛ مما يعزز من سمعة المغرب وحضوره الفاعل على الساحة العالمية”.
وأشار في حديثه لهسبريس إلى “مساهمة المرأة الدبلوماسية المغربية في نقل وتبادل الخبرات والمعارف مع نظيراتها في مختلف أنحاء العالم، مما يُسهم في تطوير الأداء الدبلوماسي للمملكة وإثراء الثقافة الدبلوماسية. حيث تُشارك بفعالية في تنظيم برامج تدريبية وورش عمل لتعزيز قدرات المرأة في مجال الدبلوماسية، وتساهم بشكل فعال في بناء شبكات تواصل وتعاون بين المؤسسات الدبلوماسية الدولية”.
في سياق متصل، قالت شريفة لموير، محللة سياسية، إن “حضور المرأة المغربية في العمل الدبلوماسي من خلال شغلها لمناصب دبلوماسية حساسة هو تأكيد لكفاءتها وقدرتها على إثبات حضورها في مختلف المجالات”، مضيفة أن “ما يمكن أن يُسجل في تجربة المرأة المغربية في العمل الدبلوماسي هو قدرتها على مواكبة مختلف الديناميات التي تواجهها؛ ومنها قدرتها في تمثيل المغرب باستحقاق، والدفاع عن قضاياه التي تعتبر من أهم ما يناط بممثل المملكة في دول العالم”.
وأوضحت لموير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المرأة المغربية استطاعت كسر الاحتكار الذكوري الذي كان يعرفه العمل الدبلوماسي، وبرهنت على أحقيتها وكفاءتها في تمثيل والدفاع عن المغرب ومصالحه القومية في الخارج. ومن هنا، نستحضر الأميرة لالة عائشة التي كانت من أوائل من تقلد منصب سفيرة للمملكة، وغيرها من النساء اللواتي بصمن التاريخ الدبلوماسي للمغرب”.
وأشارت المحللة السياسية ذاتها إلى أن “المملكة المغربية قطعت، منذ مدة، مع التصور السائد الذي كان يعزز احتكار العنصر الذكوري للعمل الدبلوماسي ويشكك في قدرة النساء على هذا المستوى. بدليل أن المغرب يعتمد اليوم عدداً مهماً من النساء داخل التمثيليات الدبلوماسية”، مشددة على أن “وجود المرأة المغربية في العمل الدبلوماسي برهن على نجاعة سياسة إدماج المرأة في التنمية التي تبناها المغرب منذ عقود؛ وبالتالي نشهد اليوم قفزة نوعية لتواجد المرأة في الساحة الدبلوماسية وانخراطها في القضايا السياسية، داخلياً وخارجياً”.
عذراً التعليقات مغلقة