وثيقة مسرّبة تكشف خطة أميركية مثيرة للجدل حول مستقبل غزة

sabkمنذ ساعتينآخر تحديث :
وثيقة مسرّبة تكشف خطة أميركية مثيرة للجدل حول مستقبل غزة

جريدة السبق الاخبارية

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، في عددها الصادر يوم 1 شتنبر 2025، عن تفاصيل وثيقة مسرّبة وُصفت بأنها الأكثر إثارة للجدل منذ بداية النقاش حول مستقبل غزة بعد الحرب. الوثيقة، التي تمتد على 38 صفحة، تحمل اسم GREAT Trust، أي صندوق إعادة إعمار غزة وتسريع التنمية والتحول، وتطرح مقترحات اعتبرها خبراء “غطاءً لمخطط تهجير جماعي للفلسطينيين” تحت ستار مشاريع اقتصادية وسياحية كبرى.

وصاية أميركية ومشاريع عملاقة

تنص الخطة على وضع قطاع غزة تحت وصاية أميركية تمتد لعشر سنوات على الأقل، مع بناء مدن ذكية ومنتجعات فاخرة ومناطق صناعية متقدمة، على غرار مشروع “نيوم” السعودي. غير أن البند الأكثر إثارة للجدل يتعلّق بـ”النقل المؤقت” لما يزيد عن مليوني فلسطيني، إما إلى دول أخرى أو إلى مناطق مغلقة داخل القطاع، مقابل حوافز مالية تشمل خمسة آلاف دولار نقداً، دعم إيجار لأربع سنوات، ومساعدات غذائية لعام كامل، إلى جانب “رموز رقمية للأراضي” تتيح إعادة الاستثمار لاحقاً.

أما من يختار البقاء، فتقترح الخطة إسكانه في مساكن لا تتجاوز مساحتها 30 متراً مربعاً، وهو ما اعتُبر “مهيناً” حتى بمعايير المخيمات التي عاش فيها سكان غزة لعقود.

ردود غاضبة وتحذيرات حقوقية

ورغم أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية لم يعلقا رسمياً على ما إذا كانت الوثيقة تعبّر عن سياسة معتمدة، إلا أن محتواها يتقاطع مع تصريحات سابقة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي تحدث عن “تنظيف غزة” وإعادة تشكيلها.
منظمات حقوقية دولية حذّرت من أن الخطة قد تشكّل “مخطط ترحيل جماعي يُسوّق على أنه تنمية”. فيليب غرانت، مدير منظمة Trial International السويسرية، وصفها بأنها “حالة نموذجية لجرائم دولية: تهجير قسري، هندسة ديمغرافية، وعقاب جماعي”، مشيراً إلى أن الشركات التي قد تنخرط في تنفيذها مهددة بملاحقات قانونية طويلة الأمد.

حتى في إسرائيل، لم تمر الخطة دون انتقادات؛ فقد وصفت صحيفة هآرتس اليسارية المشروع بأنه “مخطط ترامب للثراء السريع بالاعتماد على جرائم حرب والذكاء الاصطناعي والسياحة”.

أما في غزة، فجاء الرد حاسماً، إذ أكد باسم نعيم، القيادي في حركة حماس، أن “غزة ليست للبيع… غزة جزء من الوطن الفلسطيني”، وهو تصريح يعكس مخاوف عميقة من أن تتحول الخطة إلى أداة لفرض وقائع جديدة على الأرض، تستغل ما بعد الحرب لإعادة رسم التركيبة السكانية والسياسية للقطاع.

اجتماعات غامضة وتقاطعات سياسية

تسريب الوثيقة جاء بعد أيام من اجتماع مغلق في البيت الأبيض ترأسه دونالد ترامب، وشارك فيه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير وصهر ترامب جاريد كوشنر، أحد مهندسي اتفاقات أبراهام. حضور كوشنر عزز الانطباع بأن واشنطن تسعى إلى صياغة “صفقة كبرى” تربط إعادة إعمار غزة بإدماجها في منظومة إقليمية جديدة، بتمويل خليجي واستثمارات قد تصل إلى 100 مليار دولار.

غزة كـ”منطقة استثمارية”

الوثيقة تصوّر غزة المستقبلية كـ”منطقة استثمارية” تضم موانئ حديثة، مدناً ذكية، ومنتجعات سياحية وصناعية، وصولاً إلى “منتزه إيلون ماسك الصناعي” المزمع إقامته على أنقاض المنطقة الصناعية في إيريز. غير أن “التفاصيل الصغيرة”، بحسب الغارديان، تكشف أن الخطة تتجاهل السيادة الفلسطينية بالكامل، وتمنح إسرائيل “حقوقاً عليا” غير محددة بحجة “الضرورات الأمنية”.

أبعاد جيوسياسية خطيرة

يرى محللون أن الخطة تعكس رؤية أميركية-إسرائيلية قديمة تهدف إلى تجاوز فكرة الدولة الفلسطينية، عبر إدماج غزة في إطار اقتصادي–أمني مرتبط باتفاقات أبراهام. لغة الوثيقة، الموجهة بشكل واضح إلى ترامب وإيلون ماسك وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تكشف عن محاولة لتسويق غزة كـ”فرصة استثمارية” أكثر منها قضية سياسية.

خاتمة

تقرير الغارديان يسلّط الضوء على خطورة المسار الذي قد يُفرض على الفلسطينيين: تحويل قضية عمرها عقود إلى “صفقة استثمارية”، تُجمّل واقع التهجير القسري والهندسة الديمغرافية تحت شعارات التنمية. ومع غياب أي إشارة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، تظل هذه الوثيقة دليلاً جديداً على أن مستقبل غزة يُرسم في الكواليس، بعيداً عن أصحاب الأرض

اترك تعليق

يجب ان تسجل الدخول لكي تتمكن من إضافة التعليقات

الاخبار العاجلة