صراع لا ينتهي بين الجنيه المصري والدولار الأميركي، على الرغم من خسارة الأول في مقابل الثاني أكثر من 20 في المئة من قيمته على مدار ثمانية أشهر تقريباً، بيد أن العملة الخضراء لم تكتف بما حققته من مكاسب في الوقت الذي تقاوم العملة المصرية من دون درع واق، بعد أن تآكل رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي أحد أهم أسلحة ردع عملة بلاد العم السام.
فقد الجنيه المصري منذ شهر مارس (آذار) الماضي أكثر من 20 في المئة من قيمته طواعية، بعد أن قررت الحكومة المصرية خفض قيمة عملتها عقب قرارات البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس ما يعادل ثلاثة في المئة منذ بداية العام الحالي 2022، في الوقت ذاته يترقب مجتمع المال والأعمال ليلة الخميس المقبل الـ18 من أغسطس (آب) إذ تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي للبت في موقف أسعار الفائدة.
مؤسسات مال عالمية بدأت تلتفت إلى قيمة العملة المصرية، إذ ترى أن سعر صرف الجنيه المصري لا يزال أعلى من قيمته الحقيقية أو العادلة في مقابل العملات الأجنبية وخصوصاً الدولار الأميركي، فوفقاً لتقرير صادر عن بنك “غولدمان ساكس” قال إن “العملة المصرية مقومة بأعلى من قيمتها بنسبة 10 في المئة وفقاً لقيمة العملة الفعلية”، في الوقت الذي أشارت مجموعة “سيتي غروب” إلى ضرورة خفض القيمة بنحو خمسة في المئة وفقاً لما ذكرته وكالة “بلومبيرغ”.
وقال كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في “بلومبيرغ” زياد داوود إن “صانعي السياسة قد يشعرون بالقلق في شأن الآثار الجانبية لخفض قيمة العملة، مثل ارتفاع التضخم الذي هو بالفعل في خانة العشرات، وخطر الاضطرابات الاجتماعية، وقد ينتهي الأمر بمصر إلى إضعاف عملتها، لكن بأقل مما يحتاج إليه الاقتصاد”.
21 جنيهاً
ولفت إلى أن “تجار المشتقات يتداولون العملة عند مستويات أكثر انخفاضاً، حتى بعد أن سجلت العملة المصرية خسائر لنحو 11 أسبوعاً في السوق الخارجية، وهي أسوأ سلسلة متتالية لها منذ ما يقارب عقداً من الزمان، بينما في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم كان العقد الذي مدته ثلاثة أشهر يتداول عند نحو 21 جنيهاً لكل دولار يوم الثلاثاء الماضي، وهو أضعف بنسبة تسعة في المئة من السعر الفوري في الخارج”.
وتسعى الحكومة المصرية إلى إتمام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لم تحدد قيمته حتى الآن لمعالجة الشح في العملات الأجنبية منذ هجرة الأموال الساخنة من القاهرة منذ بداية العام الحالي، مما سمح بتسرب رصيد الاحتياطي المصري من العملات الأجنبية حتى هوى إلى 33.14 مليار دولار في يوليو (تموز) الماضي، وهو أدنى مستوى منذ يونيو (حزيران) 2017.
وتحدثت “اندبندنت عربية” إلى محللين حول القيمة الفعلية للجنيه وسيناريوهات تعامل حكومة القاهرة مع مطالب صندوق النقد الدولي بخفض قيمة عملتها المحلية، إذ قال المتخصص في شؤون الاقتصاد وائل النحاس إن “مفاوضات الحكومة المصرية مع الصندوق الدولي في تلك المرة تتسم بالصعوبة”، موضحاً أنها، أي المفاوضات، “تتم بين طرفين يملكان أدوات لضبط العملية التفاوضية” مستدركاً أن “مصر لا تملك سيناريوهات كافية لفرض كلمتها مع مسؤولي الصندوق على عكس الاتفاقات السابقة”.
عن جريدة INDEPENDENT عربية
عذراً التعليقات مغلقة