بلاغ صحفي
باستغراب شديد، تلقت كل من الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة والتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين في القطاع الخاص والنقابة الوطنية للطب العام، تصريحات رئيس الفريق النيابي لحزب التجمع الوطني للأحراربمجلس النواب، خلال مشاركته في أحد البرامج التلفزية، الذي أعطى حكم قيمة يخص المستشفيات العمومية في بلادنا التي وصفها بالمجازر، وهو التصريح الذي يسيء بذلك، بشكل أو بآخر، لكافة مهنيي الصحة الذين يبذلون تضحيات جسام، في ظل ظروف مادية ومعنوية جد ضعيفة مقارنة بالمواصفات والمعايير الدولية، سواء تعلق الأمر بعدد الموارد البشرية في كافة الفئات، أو البنيات التحتية أو التجهيزات، فجاء بذلك الوصف مبخّسا لكل الجهود التي تُبذل في خدمة المواطن المغربي.
إن مهنيي الصحة بشكل عام، ومن ضمنهم المشتغلين في الحقل الصحي العمومي، ساهموا جميعهم، كل من موقعه وتخصصه، الطبي والصحي والتقني والإداري، في التخفيف من حدة الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، التي تعتبر أكبر امتحان واجهته المنظومات الصحية عبر العالم ومنها منظومتنا الصحية الوطنية، واستطاعت مؤسساتنا الصحية ومستشفياتنا، العمومية منها والخصوصية، أن تستوعب كل الحالات التي وردت عليها، على مستوى الفحص والتشخيص وأخذ العينات للتحليل والتكفل والعلاج، سواء بالمنازل أو بمصالح وأقسام هذه المستشفيات، وعلى رأسها مصالح الإنعاش والعناية المركّزة. وتمكنت مؤسسات بلادنا الصحية بفضل التوجيهات الملكية السديدة وانخراط كافة مكونات وقوى المجتمع، من أن تقلّص من وقع وتبعات هذه الأزمة صحيا، وهو ما جعل نسبة الإماتة في المغرب بسبب الكوفيد لا تتجاوز 1.4 في المائة، خلافا للمعدل العالمي المتمثل في 2 في المائة، أخذا بعين الاعتبار أن الجائحة تسببت في شبه انهيار أنظمة صحية لدول متقدمة اقتصاديا وصحيا، كما يجب التذكير في هذا الصدد بأن مستشفيات المملكة بالقطاع العام استقبلت حوالي 90 في المائة من المرضى، وتم التكفل بهم في ظل كل التحديات والإكراهات التي تعيشها المنظومة الصحية، وكان من تبعات ذلك أن فارق الحياة أطباء وممرضين وإداريين أصيبوا بالعدوى وهم يقومون بواجبهم المهني.
إن اللحظة التي يعيشها المغرب اليوم تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، هي لحظة للتحلي بروح المواطنة الخالصة وتحمّل كامل المسؤولية بمنتهى الالتزام، من أجل المساهمة في تنفيذ التعليمات الملكية السامية سعيا وراء إصلاح شامل لقطاع الصحة، التي على إثرها تم إعداد مشروع قانون الإطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الذي خصّ الموارد البشرية في القطاع بمكانة مهمة، وهي التي تشتغل في ظل ظروف يعي الجميع طبيعتها وظروفها لأنها فضّلّت الاستمرار في خدمة وطنها، مقاومة لظروف الضغط ولعروض الإغراء الكثيرة التي توفرها العديد من الدول لكي تدفع هذه الفئة للهجرة صوبها.
إننا اليوم نساهم جميعا في بناء مغرب المستقبل للأجيال الصاعدة برؤية شمولية، بفضل حكمة وتبصر صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وهو ما يتطلّب منا رصّ الصفوف وتوحيد الكلمة، والابتعاد ما أمكن عن كل ما قد يسيء لكل الجهود التي تُبذل لصالح الوطن والمواطنين. بناء يتطلب منا أن نكون صفا واحدا وراء جلالة الملك وبتعاون مع الحكومة وكافة المؤسسات الدستورية والقطاعات المعنية في عملها المتواصل وفي مراحل التنزيل التي تقوم بها، التي نتتبع جميعا آثارها المالية والاقتصادية وكلفتها، ويعلم الجميع أهمية الخطوات التي قطعتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مع كافة الفرقاء والمتدخلين من وزارات ووكالة وطنية للتأمين الصحي والصناديق الاجتماعية والشركاء الاجتماعيين أشواطا مهمة لأجل ذلك، مما يستوجب معه، زرع الثقة في نفوس المواطنين أولا، وتشجيع وتحفيز مهنيي الصحة عموما والطبيب خصوصا ثانيا، ومواجهة خطاب شيطنة أطرنا الوطنية الصحية الذي يسعى لتوسيع دائرة الاحتقار والاحتقان على حدّ سواء، فضلا عن الشك، ويجعل منه البعض مشجبا لأخطاء تدبيرية ولسياسات قطاعية وعمومية، لا صلة لمهنيي الصحة عموما بها لا من قريب ولا من بعيد.
إن بلادنا تفتح ذراعيها لأبنائها الأطباء المتواجدين خارج المغرب للعودة إلى أرض الوطن ولخدمة بلدهم، وتمضي بكل مسؤولية نحو إصلاح أعطاب هي نتاج لسياسات لم تتسم بالنجاعة في عدد من القطاعات، وعلى رأسها قطاع الصحة، وعلينا جميعا مواطنين ومسؤولين، حكومة وأحزابا ونقابات ومنظمات مختلفة، أن نساهم في هذا المجهود الوطني، لأجل الوطن أولا وأخيرا، حتى لا نقوم بهدر المزيد من الزمن وحتى لا تكون كلفة الإصلاح المنشود أكبر.
عذراً التعليقات مغلقة