في بيئات العمل أو العلاقات الشخصية، قد لا تكون العدوانية دائمًا صاخبة أو علنية، بل قد تتخذ شكلًا خفيًا ومواربًا، وهو ما يُعرف بـ”العدوان السلبي”، أحد الأسلحة المفضلة لدى الأشخاص ذوي السمات النرجسية.
تخيّل أن تطلب من زميل لك إنجاز مهمة عاجلة، فيوافق، ثم “ينسى” فجأةً قبل الموعد النهائي. أو أن يرد شريكك بالتجاهل التام بعد نقاش حاد. هذا النمط المتكرر من السلوك ليس مجرد صدفة، بل قد يكون محاولة مقصودة للسيطرة أو الإيذاء النفسي.
من هو الشخص النرجسي؟
لا يقتصر وصف “النرجسي” على من تم تشخيصه سريريًا باضطراب الشخصية النرجسية، بل يشمل أيضًا من يظهر سلوكيات تتسم بالأنانية والتفوق المفرط أو الحساسية المفرطة للنقد. ويُصنف النرجسيون عمومًا إلى نوعين:
المتكبر: يميل إلى التباهي والتقليل من شأن الآخرين.
الضعيف: شديد الحساسية للرفض، ويعتمد بشكل مفرط على التقدير الخارجي.
كلا النوعين قد يلجآن إلى العدوانية، لكن النوع الضعيف غالبًا ما يُفضل الأساليب السلبية وغير المباشرة للإيذاء.
كيف يُمارس النرجسي العدوان السلبي؟
تتعدد أشكال العدوان السلبي، وأبرزها:
الإقصاء الاجتماعي: تجاهل الرسائل، عدم الرد، أو الحذف من وسائل التواصل.
السخرية الخفية: عبر “المجاملات المهينة” أو نبرة تنطوي على الاستخفاف.
النقد غير المباشر: كالحديث عنك بسلبية في غيابك أو مشاركة مواقف محرجة عنك.
التخريب المتعمد: مثل تأخير المهام عن قصد لإحراجك أو تحميلك المسؤولية.
ورغم أن هذه الأفعال قد تبدو غير مؤذية في ظاهرها، إلا أن تكرارها يخلّف آثارًا نفسية عميقة، مثل التوتر، انخفاض تقدير الذات، وحتى الإرهاق العاطفي، خصوصًا في أماكن العمل.
كيف تحمي نفسك من هذا السلوك؟
توصي الأبحاث وخبراء السلوك بعدة خطوات لحماية نفسك من تأثيرات العدوان السلبي، أهمها:
رسم حدود واضحة: لا تتسامح مع التجاوزات أو التلاعب.
التباعد العاطفي: لا تسمح للنرجسي باستفزازك. تقنية “اللون الرمادي” تساعد في ذلك، حيث تتجنب التفاعل العاطفي وتُبقي الردود محايدة.
العناية الذاتية: الاعتناء بصحتك النفسية والجسدية يُعزز قدرتك على المواجهة.
طلب الدعم: سواء من الأصدقاء الموثوقين أو من خلال مختصين نفسيين، لا تتردد في طلب المساعدة.
في مواجهة النرجسية المقنّعة، لا تكون القوة في المواجهة المباشرة، بل في الفطنة والوعي والرعاية الذاتية. فكلما كنت أكثر وعيًا، كنت أكثر أمانًا.
عذراً التعليقات مغلقة